للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أشار في المقدمة التي صدر بها الجزء الثاني من "المفضليات" سنة ١٩١٨م، إلى ما جاء به مرجوليوث في مقاله المنشور في مجلة الجمعية الملكية الآسيوية عدد سنة ١٩١٦ ص٣٩٧، وإلى ما أورده في "معلمة الدين والأخلاق" من حديثه عن "محمد" وما أورده كذلك في الصفحة الستين من كتابه "محمد" سنة ١٩٠٥.

بدأ ليال حديثه عن "صحة الشعر الجاهلي"١ بأن أورد ما ينسب إلى المفضل من تجريح حماد الراوية وذلك قوله٢: "قد سلط على الشعر من حماد الراوية ما أفسده فلا يصلح أبدًا. فقيل له: وكيف ذلك؟ أيخطئ في روايته أم يلحن؟ قال: ليته كان كذلك، فإن أهل العلم يردون من أخطأ إلى الصواب، لا، ولكنه رجل عالم بلغات العرب وأشعارها ومذاهب الشعراء ومعانيهم، فلا يزال يقول الشعر يشبه به مذهب رجل ويدخله في شعره، ويُحمل ذلك عنه في الآفاق، فتختلط أشعار القدماء ولا يتميز الصحيح منها إلا عند عالم ناقد وأين ذلك! ".

يقول ليال إن بين ناقل هذا الخبر -وهو أبو الفرج الأصفهاني- وصاحب الحديث -وهو المفضل الضبي- ثلاثة رواة في سند الخبر هم: محمد بن خلف وكيع عن أحمد بن الحارث الخراز عن ابن الأعرابي. فربما زاد هؤلاء أو أحدهم على هذا الحديث شيئًا مما يزيده الرواة، غير أننا لو قبلنا أن هذا الحديث قد قاله المفضل حقًّا وسلمنا بذلك، فلا بد لنا من أن نذكر أن حمادًا كان معاصرًا للمفضل وأنه ربما كان أصغر منه سنًّا، وأن المفضل كان من أعلم الناس بالشعر وأقدرهم على تمييز صحيحه من منحوله، وأن الرواة من العرب -وهم الذين يُزعَم أن حمادًا قد أفسد ما أخذ عنهم من الشعر- كانوا، من قبل أن يفسد حماد روايتهم، قادرين على أن يفتحوا خزائن الشعر الذي يحفظونه ويروونه بين يدي المفضل. ولو أننا سلمنا بصحة ما ذكره هذا الخبر من أمر الوضع والنحل،


١ المفضليات "ليال" ج٢ ص١٦ من المقدمة.
٢ الأغاني "دار الكتب" ٦: ٨٩.

<<  <   >  >>