للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في معانيها كما تجدها عند شعراء المسلمين، والمذهب الشعري هو هو.....

فنحن بين اثنتين: إما أن نؤمن بأنه لم يكن هناك اختلاف بين القبائل العربية من عدنان وقحطان في اللغة ولا في اللهجة ولا في المذهب الكلامي، وإما أن نعترف بأن هذا الشعر لم يصدر عن هذه القبائل وإنما حمل عيها بعد الإسلام حملًا. ونحن إلى الثانية أميل منا إلى الأولى فالبرهان القاطع قائم على أن اختلاف اللغة واللهجة كان حقيقة واقعة بالقياس إلى عدنان وقحطان".

٤- الاستشهاد بالشعر الجاهلي على ألفاظ القرآن والحديث: قال الدكتور طه فيما قال١: "إنا نلاحظ أن العلماء قد اتخذوا هذا الشعر الجاهلي مادة للاستشهاد على ألفاظ القرآن والحديث ونحوهما ومذاهبهما الكلامية. ومن الغريب أنهم لا يكادون يجدون في ذلك مشقة ولا عسرًا، حتى إنك لتحس كأن هذا الشعر الجاهلي إنما قُدَّ على قد القرآن والحديث كما يقد الثوب على قد لابسه لا يزيد ولا ينقص عما أراد طولًا وسعة. إذن فنحن نجهر بأن هذا ليس من طبيعة الأشياء، وأن هذه الدقة في الموازاة بين القرآن والحديث والشعر الجاهلي لا ينبغي أن تحمل على الاطمئنان إلا الذين رُزقوا حظًّا من السذاجة لم يُتح لنا مثله. إنما يجب أن تحملنا هذه الدقة في الموازاة على الشك والحيرة، وعلى أن نسأل أنفسنا: أليس يمكن ألا تكون هذه الدقة في الموازاة نتيجة من نتائج المصادفة وإنما هي شيء تُكلف وأنفق فيه أصحابه بياض الأيام وسواد الليالي؟ ".

٥- أما آخر الأمور التي لحظها الدكتور طه حسين في الشعر الجاهلي، وبعثت في نفسه الشك والريبة، ودفعته إلى أن يصمه بأنه منحول موضوع، فهو أنه لم يصلنا إلا عن طريق الرواية الشفهية، وهو لا يتحدث عن هذا الأمر حديثًا مفصلًا كما صنع في الأمور الأربعة السابقة، وإنما اكتفى بأن يشير إليه إشارات عابرة لا يقف عندها طويلًا، وإن كان حديثه في جملته يتضمن أثر


١ ص١٢٠.

<<  <   >  >>