للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العزلة العربية حين رآها تعترض ما أراده من أن للجاهليين اتصالًا بالعالم الخارجي وود في هذا الفصل أن تستقيم له لأنها تؤيد نظرية عدم التقارب بين لغات القبائل العربية". وقال الدكتور طه أيضًا إنه يستثني من النحل قصيدتين لعلقمة مع شيء من التحفظ ثم يقول: "وصحة هاتين القصيدتين لا تمس رأينا في الشعر الجاهلي" فيعقب عليه ناقده بقوله١: "ولعله نسي -وأمثاله لا ينسون كثيرًا- ما كتبه تحت عنوان الشعر الجاهلي واللهجات حين قال "ومن المعقول جدًّا أن تكون لكل قبيلة من هذه القبائل العدنانية لغتها ولهجتها ومذهبها في الكلام، وأن يظهر اختلاف اللغات وتباين اللهجات في شعر هذه القبائل الذي قيل قبل أن يفرض القرآن على العرب لغة واحدة ولهجات متقاربة". ومن المعروف أن علقمة من بني تميم، والقصيدتان اللتان استثناهما ورضي بقبولهما لا تخرجان عن هذه اللغة الأدبية التي يسميها لغة قريش، فقبوله لهاتين القصيدتين ينقض أساس ذلك الفصل ... ".

ومن ذلك أيضًا قول الناقد إن الدكتور طه قد٢ "نبهه النقد منذ أكثر من عام إلى أن ثبوت اختلاف لغة الجنوب عن لغة الشمال، لو ثبت أنهما كانتا مختلفتين في العصر الجاهلي القريب، لا يصلح دليلًا على أن أدب يمانية الشمال موضوع؛ لأن قبائل اليمن في الشمال كانت هاجرت من الجنوب إلى الشمال منذ أمد بعيد، فلم يكن هناك بد لمن نشأ في الشمال من ذرياتها أن ينشأ على لغة الشمال، ويتخذها لغة أدب ولغة خطاب، فجاء صاحب الكتاب هذا العام يجيب على هذا بلهجة المستوثق مما يقول، فهل تدري بماذا أجاب؟ أجاب بأن هجرة فريق من عرب اليمن إلى الشمال غير ثابتة! وأن صحة يمانية من انتسب إلى اليمن من قبائل الشمال غير ثابتة! وإذن يسقط ذلك الاعتراض! إن من المؤلم حقًّا أن يلج الأستاذ في المماراة إلى هذا الحد. فلا يدرك أن جوابه هذا مسقط كل ما قال، وأنه إذا صح أن التاريخ القديم والتاريخ الحديث أجمعا على خطإ فلم تكن هجرة،


١ الحضر حسين: ٣٢٣.
٢ الغمراوي: ١٨٨.

<<  <   >  >>