للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يكن في الشمال يمانيون لم يكن هناك أدنى شبهة لغوية يمكن أن يعترض بها على صحة كلام مثل امرئ القيس؛ إذ يصير امرؤ القيس ومن معه بذلك مضريين، ويصير من السخف أن يقال بعد ذلك إن كلامهم وشعرهم منحول لأن لغته ليست لغة نقوش حميرية اكتشفت في الجنوب، حتى ولو كانت لغة النقوش تمثل لغة اليمن في عصر امرئ القيس لكن صاحب الكتاب يدافع عن باطل ... ".

وحسبنا ما قدمنا من أمثلة التناقض، وتجد طائفة أخرى منها اكتفينا بالإشارة إلى أرقام صفحات الكتب التي تشير إليها في الهامش١.

٥- وأمر آخر يتصل بمجافاة الطريقة العلمية، وهو إيراد النصوص على وجه يختلف عما كانت عليه في حقيقتها، والاستدلال بها على ما لا تدل عليه في أصلها لو أوردت كاملة. ومن أمثلة ذلك أن الدكتور طه يقول: "فأما خلف فكلام الناس في كذبه كثير، وابن سلام ينبئنا بأنه كان أفرس الناس ببيت شعر ... " فالدكتور طه يريد أن يتخذ من كلام ابن سلام حجة على كذب خلف، ويريد أن يوجه قوله "أفرس الناس ببيت شعر" توجيهًا يوحي بأنه لتمكنه وقدرته ومهارته كان قادرًا على نحل الشعر ووضعه. ولكن ابن سلام لم يرد إلى هذا بل أراد نقيضه! ونصه بكامله هو: "أجمع أصحابنا أنه كان أفرس الناس ببيت شعر، وأصدقه لسانًا، كنا لا نبالي إذا أخذنا عنه خبرًا أو أنشدنا شعرًا ألا نسمعه من صاحبه. وأي توثيق لخلف أوثق من هذا؟ ٢. ومن ذلك أيضًا أن الدكتور يذكر أن أبا عمرو بن العلاء قال: "ما لسان حمير بلساننا ولا لغتهم بلغتنا" ولكن نص ابن سلام هو "ما لسان حمير وأقاصي اليمن بلساننا، ولا عربيتهم بعربيتنا" فحذف الدكتور قوله "وأقاصي اليمن"، ثم غير قوله "ولا عربيتهم بعربيتنا" فجعله "ولا لغتهم بلغتنا" والفرق بين ما أورد


١ انظر مثلًا: الخضر حسين: ١٩-٢٠ و ٢٦٣ و ٣١٥ و ٣٤٦ و ٣٥٢-٣٥٦؛ والخضري: ٨٤؛ والغمراوي: ٢٠٠، ٣١٣.
٢ انظر لذلك الخضر حسين: ٢٧٢.

<<  <   >  >>