للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضعف مقدار هذا التخيل وسقط الفرض من أساسه".

٥- الرواة ونحل الشعر:

أشار السيد محمد الخضر حسين إلى ما في حديث الدكتور في هذا الفصل -وفي غيره من الفصول- من تعميم ومبالغة، وذلك حين قال الدكتور إن الرواة "بين اثنتين: إما أن يكونوا من العرب، فهم متأثرون بما كان يتأثر به العرب، وإما أن يكونوا من الموالي فهم متأثرون بما كان يتأثر به الموالي ... " وعقب عليه السيد محمد الخضر حسين بقوله١: "ويريد من التأثير -بطبيعة السياق- الوجه الذي يحمل على صنع الشعر وعزوه إلى الجاهلية، ومعنى هذا نفي أن يكون لطائفة من الرواة خطة ثابتة وهي ألا يتأثروا بشيء من هذه الأسباب تأثرًا يستهينون معه أن بموبقة الافتراء على الناس كذبًا. وهذه المبالغة لا تأويل لها إلا أن المؤلف يحب أن يكون هذا الشعر الجاهلي منحولًا". ثم تعرض لما تعرض له الدكتور من ذكر حماد الراوية وخلف الأحمر، وقال إنهما ليسا "مرجع الرواية كلها ولا أن الطعن فيهما طعن في الرواية جميعًا"٢. ومع ذلك فقد ذكر بعض الروايات التي تطعن في حماد وخلف ونقدها وبيَّن ضعف بعضها. ثم ذكر أن الدكتور رمى أبا عمرو الشيباني بالكذب والوضع، مع أن أحدًا من القدماء لم يرمه بذلك حتى إن خصومه قد وثقوه، ولم يكتف الدكتور بذلك بل قال عنه: "وأكبر الظن أنه كان يأجر نفسه للقبائل يجمع لكل واحدة منها شعرًا يضيفه إلى شعرائها" فقال السيد محمد الخضر حسين إن إيجار عالم كأبي عمرو الشيباني لا يمكن أن يكون قد حدث من غير أن يتنبه له القدماء ويشيروا إليه٣، وأن الدكتور لم يبنِ حكمه هذا إلا على الظن والتخيل.


١ ص٢٦٤-٢٦٥.
٢ ص٢٦٧.
٣ ص٢٧٤-٢٧٥.

<<  <   >  >>