أما الأستاذ محمد لطفي جمعة فقد رد عيه من وجه آخر وذلك قوله١:"وإن كان بعض المتعاصرين والأنداد من الرواة طعن بعضهم في بعض، فليس في الطعن حجة أو دليل على صحة التهمة؛ لأن اتحاد الحرفة والمنافسة في الشهرة والمزاحمة على نيل الحظوة قد تدفع ببعض الرواة إلى الحسد والغيرة، لهذا قال الأقدمون "إن المعاصرة حجاب"، حتى إن رواة ثقات كالأصمعي وأبي عبيدة وأبي زيد كانوا يتطاعنون ويضعِّف كل منهم رواية صاحبه، ولكن المحققين ينزهونهم عن الكذب ... فلا يجوز إذن أن نأخذ بما يقوله الرواة بعضهم في بعض، وقد عقد ابن جني فصلًا في كتابه "الخصائص" على ما يكون من قدح أكابر الأدباء بعضهم في بعض وتكذيب بعضهم بعضًا، كرواية المفضل الضبي في حق حماد، وهي لم تمحص ولم تنتقد وإن صح إسنادها فوليدة أحقاد معاصرة، فإن كلام الأقران بعضهم في بعض لا يقدح في العدالة، وهذا رأى علماء الحديث وجاراهم فيه أهل الأدب حتى قالوا: إن المعاصرة حجاب، كما قدمنا".