للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حماد الراوية الصحيح من أشعار العرب وأعطيه المنحول، فيقبل ذلك مني ويدخله في أشعارها؛ وكان فيه حمق.

٦- حماد ينتحل الشعر الجاهلي ويدعيه لنفسه:

ذكر أبو الفرج١ عن رواته أن حمادًا الراوية قدم على بلال بن أبي بردة البصرة، وعند بلال ذو الرمة، فأنشده حماد شعرًا مدحه به. فقال بلال لذي الرمة: كيف ترى هذا الشعر؟ قال: جيدًا وليس له. قال: فمن يقوله؟ قال: لا أدري إلا أنه لم يقله. فلما قضى بلال حوائج حماد وأجازه، قال له: إن لي إليك حاجة. قال: هي مقضية. قال: أنت قلت ذلك الشعر؟ قال: لا. قال: فمن يقوله؟ قال: بعض شعراء الجاهلية، وهو شعر قديم وما يرويه غيري. قال: فمن أين علم ذو الرمة أنه ليس من قولك؟ قال: عرف كلام أهل الجاهلية من كلام أهل الإسلام.

وبعد؛

فهذه خلاصة شاملة لما في المصادر العربية من أخبار حماد الراوية، وهي تميل في أكثرها إلى النيل منه وتضعيف روايته واتهامه بالوضع والنحل. ولكن كل خبر من هذه الأخبار يحمل في تضاعيفه ما يستوقف الباحث ويسترعي انتباهه ويحمله على التقصي في البحث والنقد. ومن أجل ذلك سنعود إلى هذه الأخبار خبرًا خبرًا نستنطقه لعله يكشف لنا عن خبئ فيه ينتهي بنا إلى يقين أو ما يشبه اليقين.

١- المفضل وحماد:

أ- أما الخبر الأول ففيه أمران٢، يدعم ثانيهما أولهما، وينتهيان بنا إلى أن نشك في هذا الخبر شكًّا يكاد يؤدي إلى رفضه. فالأمر الأول: أن الرواة


١ الأغاني ٦: ٨٨.
٢ انظر ما قدمناه من رأي ليال في هذا الخبر في الفصل الثالث من هذا الباب.

<<  <   >  >>