للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وينقص في الأشعار والأخبار، فإن كان متهمًا بأنه يقول الشعر وينحله شعراء العرب". وكل هذا تفسير لقوله "إذا نصح". ونحن لا نكاد نطمئن إلى هذا التفسير بعد الذي علمناه من أن الأصمعي أخذ عن حماد "شيئًا من الشعر"، وأنه روى عنه ديوان امرئ القيس وأضاف إليه نتفًا سمعها من الأعراب وأبي عمرو بن العلاء. والأصمعي مشهور بتشدده وتحريه وأنه "لا يفتي إلا فيما أجمع عليه العلماء، ويقف عما يتفردون به عنه، ولا يجوِّز إلا أفصح اللغات، ويلج في دفع ما سواه١"، "وأنه، كان لا يفسر شعرًا فيه هجاء ... وكان صدوقًا في كل شيء"٢، فمن كان هذا منهجه فإنه لا يأخذ إلى عن ثقة أو عمن يعرف أنه ثقة. والذي نراه في تأويل قوله "إذا نصح" أنه يريد إذا نصح لمن يأخذ عنه وسمحت نفسه في إعطائه وتعليمه، وذلك لأن حمادًا كان مشهورًا بأنه ضنين برواية الشعر وإنشاده٣.

٣- أبو عمرو بن العلاء وحماد:

أما الخبر الذي سقناه عن تقديم أبي عمرو بن العلاء حمادًا على نفسه، وتقديم حماد أبا عمرو على نفسه ففيه توثيق لحماد، وهو -إن صح- يدعم ما ذهبنا إليه من أن رأي العلماء الذين عاصروا حمادًا وكانوا من طبقته -إذا ما جُرِّد من العصبية والتحامل- لم يكن كالرأي الذي شاع بعد أن شوهته الأخبار والروايات. ولرأي أبي عمرو في حماد قيمة خاصة إذ أن أبا عمرو بصري، بل رأس علماء البصرة، وكان ثقة مأمونًا حتى عند الكوفيين وقد يضعِّف من هذا الخبر أن راويه أبو عمرو الشيباني وهو كوفي، ولكن أبا عمرو الشيباني ثقة، لم يضعفه أحد فيما يروي، وإن


١ مراتب النحويين: ٨٠.
٢ المصدر السابق: ٧٩.
٣ نزهة الألباء: ٧٠.

<<  <   >  >>