للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانوا نالوا منه لاستهتاره في الشراب. ومع ذلك فثمة خبر يدعم هذا الخبر وقد رواه عن أبي عمرو رأس من رءوس علماء البصرة، هو تلميذه الأصمعي قال١، قال أبو عمرو: ما سمع حماد الراوية حرفًا قط إلا سمعته. ومن أجل ذلك كله نميل إلى أن أبا عمرو بن العلاء، ومن في منزلته من علماء الطبقة الأولى، كانوا يقدرون حمادًا حق قدره، وكانوا يوثقونه ويعدلونه.

٤- ابن سلام وحماد:

أما ما رواه ابن سلام عن يونس من أن حمادًا وضع القصيدة الميمية في مدح أبي موسى الأشعري ونحلها الحطيئة، فمردود من وجهين، الأول: أن المدائني، وهو بصري، وكان معاصرًا لابن سلام رد عليه وذكر "أن الحطيئة قال هذه القصيدة في أبي موسى، وأنها صحيحة، قالها فيه وقد جمع جيشًا للغزو.."٢ والوجه الثاني: أن العلماء الذين جمعوا ديوان الحطيئة وشرحوه بعد حماد أثبتوا هذه القصيدة في ديوانه، ولم يأخذوا بالرأي الذي أورده ابن سلام عن يونس. فهذا ابن حبيب قد روى هذه القصيدة عن ابن الأعرابي وعن أبي عمرو الشيباني معًا، وأثبتها السكري عن ابن حبيب في شرحه لديوان الحطيئة٣.

ويدعم هذين الوجهين أن ابن سلام روى خبر وضع حماد لهذه القصيدة ونحلها الحطيئة عن يونس، ويونس بصري، كابن سلام، وكلاهما يضعف الكوفيين ويتهمهم بالكذب والوضع والتزيد. فيونس ذكر حمادًا في الخبر الثاني الذي أوردناه وقال: العجب لمن يأخذ عن حماد، كان يكذب ويلحن ويكسر. وقد مر بنا أن ابن سلام قال في معرض حديثه عن


١ طبقات النحويين واللغويين: ٣١.
٢ الأغاني ٢: ١٧٦.
٣ ديوان الخطيئة: ٣٤-٣٥.

<<  <   >  >>