الأسود بن يعفر "إن أهل الكوفة يروون له أكثر مما نروي ويتجوزون في ذلك بأكثر من تجوزنا". وقال أيضًا في معرض شعر رواه بعض أهل الكوفة: ونحن لا نعرف هذا ولا نقبله.
ومن أجل هذا كله لا نملك أن نطمئن إلى ما رُوي من أن حمادًا وضع تلك القصيدة ونحلها الحطيئة، ولا نملك أن نطمئن إلى أحكام يونس وابن سلام على حماد.
٥- خلف الأحمر وحماد:
أما الأخبار الأربعة التي أوردناها عن خلف وحماد فثلاثة منها توثق حمادًا توثيقًا ما بعده من توثيق، فقد جاء في الخبر الأول أن حمادًا "أخذ عنه أهل المصرين "البصرة والكوفة"، وخلف الأحمر خاصة". وأكد الخبر الثاني ما جاء في هذا الخبر الأول، فذكر أن أهل الكوفة قرءوا أشعارهم على خلف بعد وفاة حماد لأن خلفًا "كان قد أكثر الأخذ عنه". وكذلك جاء في الخبر الثالث أن خلفًا الأحمر أول من أحدث السماع بالبصرة، وذلك أنه جاء إلى حماد الراوية فسمع منه. فإذا كان حماد بهذه المنزلة التي تذكرها هذه الأخبار، وكان أستاذًا لأهل الكوفة، وبعض أهل البصرة وخاصة خلفًا فكيف يستقيم ذلك مع الخبر الرابع الذي يذكر فيه خلف أن حمادًا "كان فيه حمق"، وأن خلفًا قال: كنت آخذ من حماد الراوية الصحيح من أشعار العرب وأعطيه المنحول، فيقبل ذلك مني ويدخله في أشعارها. وليس هذا التناقض وحده بين هذا الخبر والأخبار الثلاثة قبله هو الذي يكشف عن زيف هذا الجبر، بل إنه كذلك ليتناقض مع ما قدمنا من رأي العلماء في حماد وهو أنه كان عالمًا بلغات العرب وأشعارها، ومذاهب الشعراء معانيهم، فكيف يكون علمه هذا إذا جاز عليه ما تزعمه هذه الرواية من منحول الشعر الذي كان يعطيه إياه خلف؟ بل ثمة