للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

د- ونحب أن نكشف عن أمر آخر، يتصل بهذا الذي قالوه من أن خلفًا قال القصيدة اللامية:

إن بالشعب إلى جنب سلع ... لقتيلًا دمه ما يطل

ونحلها تأبط شرًّا. فقد اختلف القدماء في نسبتها: فنسبها بعضهم، كأبي تمام في حماسته١، إلى تأبط شرًّا، ولم يشر إلى أنها قد تنسب إلى غيره. ونسبها بعضهم إلى الشنفرى٢، ولم يشر كذلك إلى أنها قد تنسب إلى غيره. وقد يتداخل بعض شعر الشَّنْفَرَى وتأبط شرًّا، ويُنسب ما قاله أحدهما إلى الآخر لأنهما كانا من اللصوص وصعاليك العرب وفُتَّاكهم، وأكثر ما يتحدثان عنه في شعرهما متشابه. ونسبها بعضهم إلى ابن أخت تأبط شرًّا قالها في خاله. ونحن، في هذا المقام، لا يعنينا التثبت من نسبتها إلى واحد من هؤلاء الثلاثة، فسواء أكانت لتأبط شرًّا أم لابن أخته أم للشنفرى، فهي عندنا -هنا- جاهلية صحيحة وليست منحولة. ولكننا نحب أن نقف قليلًا عند أقوال من ذهبوا إلى أنها منحولة. ولنبدأ بما أورده التبريزي، قال٣: "قال النمري٤: ومما يدل على أنها لخلف الأحمر قوله فيها: "جلَّ حتى دقَّ فيه الأجل" فإن الأعرابي لا يكاد يتغلغل إلى مثل هذا. قال أبو محمد الأعرابي٥: هذا موضع المثل "ليس بعشك فادرجي"، ليس هذا كما ذكره، بل الأعرابي قد يتغلغل إلى أدق من هذا لفظًا ومعنى. وليس من هذه الجهة عُرِف أن الشعر


١ ج١ ص٣٤٨.
٢ الأغاني ٦: ٨٦-٨٧، وأمالي المرتضى ١: ٢٨٠.
٣ شرح الحماسة "تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد" ٢: ٣١٣-٣١٤.
٤ أحد شراح حماسة أبي تمام المتقدمين، قبل التبريزي.
٥ هو الحسن بن أحمد، المعروف بالأسود الغندجاني، علامة نسابة، عارف بأيام العرب وأشعارها، من رجال آخر القرن الرابع والنصف الأول من القرن الخامس. "ترجمته في نزهة الألباء: ٢٣٩، ومعجم الأدباء ٧: ٢٦١-٢٦٥".

<<  <   >  >>