للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبلغ مبلغًا لم يقاربه حماد، فلما تقرأ ونسك خرج إلى أهل الكوفة، فعرفهم الأشعار التي قد أدخلها في أشعار الناس؛ فقالوا له: أنت كنت عندنا في ذلك الوقت أوثق منك الساعة. فبقي ذلك في دواوينهم إلى اليوم".

وفي الخبر "جـ" جعل الرواة الأصمعي يتهم خلفًا بالوضع ليصلوا إلى أن رواة الكوفة "رواة غير منقحين، أنشدوني أربعين قصيدة لأبي دؤاد الإيادي قالها خلف الأحمر، وهم قوم تعجبهم كثرة الرواية، إليها يرجعون. وبها يفتخرون".

وجعل الرواة، في الخبر "د"، خلفًا يعترف بأنه كان ينحل الشعر، ليصلوا إلى أنه أعطى هذا الشعر لحماد الراوية الكوفي، فقلبه، ورواه، وأدخله في أشعار العرب.

ومن أجل هذا نجد أن كثيرًا من هذه الأخبار -بالرغم من أن رواتها بصريون يتهمون راوية بصريًّا- قد انتهت إلى غايتها وكشفت بذلك عن عوارها.

جـ- ومما يدلنا على مبلغ تجني بعض الرواة على خلف، ومدى ما انتهت إليه هذه الضروب المتعددة من العصبيات والخصومات أنهم وضعوا شعرًا ورجزًا على لسان خلف الأحمر وغيره من العلماء الرواة، ثم نسبوا إليه أنه وضع ذلك الشعر ونحله القدماء. قال الجاحظ١: "ولقد ولَّدوا على لسان خلف الأحمر، والأصمعي، أرجازًا كثيرة؛ فما ظنك بتوليدهم على ألسنة القدماء؟ ". ولعل في هذا ما يكشف لنا عن مدى الثقة التي يجب أن نوليها مثل هذه الروايات والأخبار التي تتهم خلفًا، وعرضنا طرفًا منها.


١ الحيوان ٤: ١٨١-١٨٢.

<<  <   >  >>