للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعيبه وينال منه، فلما مات الكسائي وانقضت تلك المنافسة والخصومة عاد اليزيدي واعترف للكسائي بالعلم، فقال، في أبيات، يرثيه ويرثي محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة١:

وأقلقني موت الكسائي بعده ... وكادت بي الأرض الفضاء تميد

فأذهلني عن كل عيشٍ ولذةٍ ... وأرق عيني والعيون هجود

هما عالمانا أوديَا وتخرمَا ... وما لهما في العالمين نديد

ب- وأمر آخر جدير بالعناية، وهو أن كثيرًا من النص على "النحل" لا يعني أن هذا الشعر منحول موضوع حقًّا، وإنما غاية ما يعني أن هذا الراوية العالم يذهب إلى أن هذا الشعر منحول على حين يذهب غيره إلى أنه صحيح. فمرد الأمر إذن إلى خلاف في الحكم والرأي، مرجعه إلى اختلاف المصادر التي كان يأخذ عنها الرواة، وإلى اختلاف المناهج التي كان يحتكم إليها العلماء. وسنضرب لذلك بعض الأمثلة:

١- فقد مر بنا أن ابن سلام روى عن أبي عبيدة عن يونس بن حبيب أن حمادًا الراوية قال قصيدة في مدح أبي موسى الأشعري، وأنشدها بين يدي بلال بن أبي بردة بعد أن نحلها الحطيئة٢. ولكن المدائني، وهو بصري مثل هؤلاء الثلاثة، يخالفهم في الرأي، وقد ذكر "أن الحطيئة قال هذه القصيدة في أبي موسى، وأنها صحيحة، قالها فيه وقد جمع جيشًا للغزو"٣.

٢- وقد ذكر أبو خليفة الفضل بن الحباب أنه رُوي لعباس بن مرداس بيت في عدنان، قال٤:


١ السيرافي: ٤٦.
٢ طبقات الشعراء: ٤١.
٣ الأغاني ٢: ١٧٦.
٤ طبقات الشعراء: ١٠-١١.

<<  <   >  >>