للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبو سعيد١: "قيل لحسان بن ثبات الأنصاري -رضي الله عنه-: أي الناس أشعر؟ فقال: رجل بأذنه، أم قبيل بأسره؟ قال: هذيل فيهم نيف وثلاثون شاعرًا أو نحو ذلك، وبنو سنان مثلهم مرتين ليس فيهم شاعر واحد".

فإذا كان المقصود من هذه العبارة أن جميع من رُوي له شعر من هذيل "نيف وثلاثون شاعرًا أو نحو ذلك"، يكون ديوان هذيل الذي بين أيدينا قد ضم بين دفتيه جميع هؤلاء الشعراء، إذ أن الشعراء الهذليين فيه نحو أربعين شاعرًا. غير أن أكثر من نصفهم قد رُوي لكل منهم أقل من خمسة وعشرين بيتًا، بل إن بعض هؤلاء لم يُروَ له إلا بيتان أو ثلاثة أو أربعة. أما الشعراء الذين تجاوز شعرهم مائة بيت فسبعة فقط. وإذ كان غير محتمل أن يسمِّي حسان -في عبارته المتقدمة- من لم يقل إلا البيتين أو الثلاثة أو الأربعة شاعرًا، فنحن إذن بين اثنتين: إما أن يكون عدد الشعراء كاملًا أو مقاربًا، ولكن ما رُوي لهم من الشعر ناقص غير مستوفًى؛ وإما أن يكون كثير من الشعراء لم يُذْكروا في الديوان الذي بين أيدينا.

وكلا الأمرين ينهيان بنا إلى نتيجة واحدة، هي: أن ما بين أيدينا من شعر هذيل غير كامل. وثمة دليلان على ذلك -غير ما تقدم- أولهما: ما قيل عن الإمام الشافعي أنه٢ "كان يحفظ عشرة آلاف بيت من شعر هذيل، بإعرابها وغريبها ومعانيها". والذي بين أيدينا من هذا الشعر -في أطول رواياته- لا يكاد يبلغ ثلاثة آلاف بيت. ولعل قائل هذا القول لا يقصد بالعدد الذي ذكره إلى التعيين الدقيق، وإنما قصد إلى كثرة ما كان يحفظه الشافعي من هذا الشعر، ومع ذلك فإن الشعر الذي بين أيدينا سيبقى أقل من


١ ديوان الهذليين "ط. دار الكتب" ٢: ٣٨، والكنية "أبو سعيد" مبهمة قد تعني السكري، وقد تعني الأصمعي!!
٢ ابن حجرك توالي التأسيس بمعالي ابن إدريس، المطبعة العامرة ببولاق سنة ١٣٠١ ص٥٩.

<<  <   >  >>