١- إسناد الأصمعي عمن قبله من العلماء الذي أخذ عنهم؛ وقد فهمه بهذا المعنى ليل في مقدمة طبعة المفضليات١. غير أننا نستبعد أن يكون هذا المعنى هو الذي ذهب إليه ابن النديم؛ لأننا قد عرفنا من دراستنا المفصلة أن علماء الطبقة الأولى كانوا منتهى الإسناد، وأنهم لم يكونوا يسندون إلى من قبلهم من العلماء إلا في القليل النادر، وأن ذلك لم يكن عيبًا ولا نقصًا فيهم، ولا فيما يروون حتى تكون "ليست بالمرضية عند العلماء".
٢- إسناد الرواية بعد الأصمعي حتى زمن ابن النديم، ويكون معنى ذلك -إذا كان المقصود به الأصمعيات- أن هذه القصائد المختارة لم يروها عن الأصمعي تلامذته، وأن إسناد الرواية بعد الأصمعي غير مكتمل الحلقات.
وأما الأمر الثاني الذي قد تعنيه لفظة "الرواية" في هذا النص، وهو الشعر المروي نفسه، فلعل معناه -إذا كان المقصود به الأصمعيات- أن الأصمعي حين اختار هذه الأشعار، لم يرو في كثير منها القصيدة كاملة، وإنما اختار منها أبياتًا أو قطعة صغيرة، وأغفل ذكر سائرها. وفي الأصمعيات التي بين أيدينا شعراء لم يورد لهم الأصمعي إلا بيتين أو ثلاثة أو أربعة. فلعل هذا معنى قوله "اختصار روايتها".
٣
وثمة ضرب آخر من المختارات يختلف عن المفضليات والأصمعيات في أنه بُني على أساس معلوم في اختياره، ثم في تقسيمه وتبويبه. وهذا الضرب مجموعتان: حماسة أبي تمام، وجمهرة أشعار العرب.
أما الحماسة فقد بُني اختيار ما فيها من الشعر على أبواب المعاني: فباب لشعر الحماسة وهو أول الأبواب وأكبرها وبه سميت المجموعة كلها، وباب للمراثي، وباب للأدب، وباب للنسيب، وباب للهجاء، وباب للأضياف والمديح، وباب للصفات، وباب للسير والنعاس، وباب للملح، وباب لمذمة