للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النساء. وأما جمهرة أشعار العرب فقد قُسم ما فيها من الشعر سبعة أقسام هي:

السموط، المجمهرات، المنتقيات، المذهبات، المراثين المشوبات، الملحمات.

أما المفضليات والأصمعيات فلم يبين فيهما أساس الاختيار، وليس فيهما تبويب وتقسيم، وقد التقت الحماسة والجمهرة في هذه الصفة وحدها ثم اختلفتا في غيرها؛ فانضمت الجمهرة إلى المفضليات والأصمعيات في أنها قصائد كاملة طوال. أما الحماسة فأبيات مقتطفات ومقطعات قصار؛ ولذلك قال التبريزي٢:

"ومن أجود ما اختاروه من القصائد المفضليات، ومن المقطعات الحماسة".

وليس من شأننا في هذا البحث أن نتناول بالحديث الشعر نفسه من حيث خصائصه وميزاته، وإنما هدفنا أن نقصر الحديث على رواية القصائد ورواية المجاميع جملةً. وسنرى أن حديثنا عن هاتين المجموعتين من المختارات حديث موجز نتخذه معبرًا نصل منه إلى ما سنجمله في آخر هذا الفصل من رواية كتب المختارات وقيمتها التاريخية من حيث هي مصدر من مصادر الشعر الجاهلي.

أما الحماسة فليست لها رواية انتقلت بها إلى أبي تمام، ولا رواية أخذت بها عن أبي تمام، وإنما أخذها أبو تمام من الكتب، وانتقاها من الدواوين والمجاميع، في حديث طويل سنذكره بعد قليل. ثم كتب أبو تمام ما اختاره، وبقي كتابه دهرًا مطويًّا لم يقرأه عليه أحدن كما لم يقرأه هو على أحد، إلى أن أتيح له أن يُنشر ويظهر بعد وفاة أبي تمام٣؛ فأخذ ما فيه من الصحف المكتوبة نفسها لا عن العلماء. وهذا المرزوقي شارح الحماسة، وبينه وبين أبي تمام نحو مائتي عام، لا يذكر إسنادًا انتقل إليه به الكتاب، بل إنه لينص على أنه أخذه من الكتب، وأنه كانت بين يديه نسخ عدة منه فهو يقابل بينها ويثبت ما يجد فيها٤.

وليس فقدان الرواية والإسناد هو الأمر الوحيد الذي يباعد بين الحماسة


١ ليست كل الأصمعيات قصائد، بل فيها مقطعات قصار، وإن كانت القصائد أكثر عددًا.
٢ شرح ديوان الحماسة: ٣.
٣ مروج الذهب ٤: ٧٤.
٤ شرح ديوان الحماسة ١: ٢٥٥.

<<  <   >  >>