للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رضيه أبو العميثل وأبو سعيد الضرير؛ فقصدهما أبو تمام وأنشدهما القصيدة التي أولها.

أهن عوادي يوسف وصواحبه ... فعزما فقدمًا أدرك السؤل طالبه

فلما سمعا هذا الابتداء أسقطاها، فسألهما استتمام النظر فيها، فمرَّا بقوله:

وركب كأطراف الأسنة عرسوا ... على مثلها والليل تسطو غياهبه

لأمر عليهم أن تتم صدوره ... وليس عليهم أن تتم عواقبه

فاستحسنا هذين البيتين وأبياتًا أخرى ... فعرضا القصيدة على عبد الله، وأخذا له ألف دينار. وعاد من خراسان يريد العراق، فلما دخل همذان اغتنمه أبو الوفاء بن سلمة، فأنزله وأكرمه؛ فأصبح ذات يوم وقد وفع ثلج عظيم قطع الطرق ومنع السابلة، فغم أبا تمام ذلك وسر أبا الوفاء، فقال له: وطِّن نفسك على المقام فإن هذا الثلج لا ينحسر إلا بعد زمان. وأحضره خزانة كتبه، فطالعها واشتغل بها، وصنف خمسة كتب في الشعر منها: كتاب الحماسة، والوحشيات وهي قصائد طوال، فبقي كتاب الحماسة في خزانة آل سلمة، يضنون به، ولا يكادون يبرزونه لأحد، حتى تغيرت أحوالهم، وورد همذان رجل من أهل دينور يعرف بأبي العواذل، فظفر به، وحمله إلى أصبهان، فأقبل أدباؤها عليه، ورفضوا ما عداه من الكتب المصنفة في معناه، فشهر فيهم ثم فيمن يليهم".

٢- وروي عن المفضل أنه قال١: "كان إبراهيم بن عبد الله بن الحسن متواريًا عندي، فكنت أخرج وأتركه، فقال لي: إنك إذا خرجت ضاق صدري، فأخرج إليَّ شيئا من كتبك أتفرج به. فأخرجت إليه كتبًا من الشعر، فاختار منها السبعين قصيدة التي صدرت بها اختيار الشعراء، ثم أتممت عليها باقي الكتاب".


١ مقاتل الطالبيين: ٣٧٢-٣٧٣.

<<  <   >  >>