للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القبيلة، فحينًا يكون البيت لأبي العيال الهذلي ١، وحينًا ثانيًا لحبيب بن عبد الله الهذلي٢، وحينًا ثالثًا لأبي ذؤيب الهذلي٣، وحينًا رابعًا لأبي خراش الهذلي٤، وهكذا..

وخلاصة كل ما تقدم في هذا الفصل أن الشعر في هذه الضروب المختلفة من الكتب ليس غاية تقصد، وإنما هو وسيلة تلتمس لغيرها من الغايات، فهو يساق حينًا للاستدلال والاحتجاج كما في كتب النحو واللغة، وهو يساق حينًا آخر للاستشهاد والتمثل وتقوية الخبر وتزيينه كما في كتب السيرة والتاريخ والأدب العام. وبذلك لا يُعنى مؤلفو هذه الكتب بتحقيق نسبة الشعر غلى شاعر بذاته، وإنما حسبهم أن يكون هذا الشعر قديمًا قيل في عصر يصح الاستشهاد والاحتجاج به، أو قالته قبيلة من القبائل بحيث يكون شاهدًا على لهجتها كما هو الشأن في كتب النحو واللغة؛ أما كتب السيرة والتاريخ والأدب العام فبحسب مؤلفيها أن يجدوا لديهم شعرًا قيل في الحادثة التي يروونها، أو أبياتًا تناسب الحديث الذي يسوقونه، وليس يعنيهم بعد ذلك تحقيق نسبة الشعر إلى شاعر بعينه، بل لا يعنيهم التثبت من صحة الشعر نفسه، وربما أوردوا شعرًا يدركون هم أنفسهم أنه زائف موضوع، ولكن ذلك لا يمنعهم من إيراده لما فيه من نادرة أو حديث مستطرف. ومن أجل هذا كله لا نحسبنا مغالين إذا قلنا إن هذه الكتب كلها، بأنواعها المختلفة، ليست بطبيعتها مصدرًا أصيلًا من مصادر الشعر التي يُعتمد عليها، وإنما المصدر الأصيل الذي يصح للباحث المحقق أن يطمئن إليه ويعتمد عليه،


١ البيان والتبيين ١: ٣.
٢ المصدر السابق ١: ٢٧٥.
٣ المصدر السابق ١: ٢٧٧.
٤ المصدر السابق ١: ٢٢٩.

<<  <   >  >>