وبذلك نكون قد وضعنا أصول مقياس واضح المعالم لدراسة الشعر الجاهلي ومعرفة صحيحه، وذلك بأن نأخذ من شعر الشاعر القدر الذي اتفقت عليه المدرستان البصرية والكوفية معًا، فنطمئن إلى أن هذا القدر المشترك هو أقرب ما يكون إلى الضحة، ثم ندرسه دراسة فنية داخلية بحيث نستشف روح الشاعر، وطابعه وخصائصه الفنية واللغوية، حتى إذا أقمنا هذا المقياس الداخلي، احتكمنا إليه في صحة الشعر الباقي الذي انفرد بروايته أحد الرواة الأثبات، ثم الذي انفرد بروايته راوٍ آخر، ثم ما رواه غيرهما، فما استقام على هذا المقياس الداخلي رجحنا صحته وضممناه إلى القدر المشترك الأول، وما لم يستقم نفيناه وطرحناه.
أما ما حققه هذا البحث من جديد فأرجو أن يكون واضح المعالم بارز القسمات في ما قدمت من فصول وأبواب، بحيث يغنيني عن إعادة الحديث فيه، ويجنبني مزالق الإدلال به والاستكثار بذكره.