للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها رسالة الوليد بن الوليد بن المغيرة إلى أخيه خالد بن الوليد، وذلك أن خالدًا خرج من مكة فرارًا أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في عمرة القضية، كراهة للإسلام وأهله، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه الوليد، وقال: لو أتانا لأكرمناه، وما مثله سقط عليه الإسلام في عقله. فكتب بذلك الوليد إلى خالد أخيه، فوقع الإسلام في قلب خالد، وكان سبب هجرته١.

وقدم على الحارث بن مارية الغساني الجفني رجلان من بني نهد بن زيد يقال لهما: حزن وسهل ابنا رزاح. وكان عندهما حديث من أحاديث العرب، فاجتباهما الملك، ونزلا بالمكان الأثير عنده، فحسدهما زهير بن جناب الكلبي -وكان ينادم الحارث ويحادثه- فقال له إنهما عين عليه للمنذر الأكبر -جد النعمان بن المنذر- "وهما يكتبان إليه بعورتك وخلل ما يريان منك"٢.

وكانوا يكتبون الرسائل يطلبون فيها العون والنصرة، ومن أمثلة ذلك: كتاب قصي بن كلاب إلى أخيه ابن أمه رزاح بن ربيعة بن حرام العذري يدعوه إلى نصرته٣، وكتاب السموءل إلى الحارث بن أبي شمر الغساني يوصي بامرئ القيس لعله يمده بما يحقق له أمله٤.

وكان المسافرون النازحون يكتبون إلى أهلهم بما يعرض لهم من أمور. فهذه أم سلمة لما قدمت المدينة، وذلك قبل زواجها برسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبرتهم أنها بنت أبي أمية بن المغيرة، فكذبوها، وقالوا: ما أكذب الغرائب! "حتى أنشأ ناس منهم للحج، فقالوا: أتكتبين إلى أهلك؟ فكتبت معهم. فرجعوا إلى المدينة فصدقوها"٥.


١ نسب قريش: ٣٢٤.
٢ الأغاني "دار الكتب" ٥: ١١٨.
٣ ابن هشام، السيرة ١: ١٢٤؛ وابن سعد؛ الطبقات ١: ٣٨.
٤ الأغاني "دار الكتب" ٩: ٩٩.
٥ ابن سعد، الطبقات ٨: ٦٥.

<<  <   >  >>