الحكم هو رأيُ الجمهور، والظاهر من كلام سيبويه. ومع من ذلك بعض الأئمة، وزعم أَنّ المفتوحة لا تُلحَقُ بالمكسورة؛ لأن المكسورة على شرط الابتداء وليست المفتوحة كذلك، إنما تجعل الكلام شأنًا وحديثًا بمنزلة المفرد، ولذلك لا يكون في الآية دليل لصحة جملة على وجهين جيِّدين:
أحدهما: أن يكون (ورسولُه) عطفًا على أَنّ وما بعدها، لأنها اسمٌ مفردٌ، فالتقدير: براءةُ الله من المشركين ورسولُه، أى: وبراءَةُ رسولِهِ. وهذا وجه جيد، كما تقول: أعجبي أنك منطلقٌ وإسراعُك.
والثاني: أن يكون (ورسولُه) معطوفًا على الضمير في (بَرِئٌ)، وحَسُن للفصل، كما قال تعالى:{سَيقولُ الذينَ أشْركوا لو شَاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنَا وَلَا آباؤنا}؛ وإذا كان كذلك لم يكن في الآية دليل على ما قالوه، فالاستشهاد بها وَهْمٌ جَرَى على سيبويه والنحويين.
وردّ هذا ابن جنى قياسًا وسماعًا، أما السماع فما في الحماسة لجعفر بن عُلْبَةَ الحارثى، وذلك قوله:
فَلَا تَحْسَبِي أَنِّى تخشّعتُ للعِدَى
لِشَئٍ وَلَا أَنِّى مِنَ الموتِ أفْرقُ
وَلَا أَنَا مِمّنْ يَزْدَهِيهِ وَعِيدُهُمْ
وَلَا أَنّنىِ بالمَشْىِ في القَيدِ أَخْرَقُ
فَعَطَفَ الجملة من المبتدأ والخبر على قوله:(أنِّى تخشّعْتُ)، وهو يريدُ