فأعملها ابن كثير وأبو عَمْرو، وألغاها من عداهما من السبعةِ. فلما حصلَ في مقتضَى الإعمالِ القسمان معًا اللفظ فقال:«عَمَلَ إِنّ اجْعَلْ للَا في نَكِرة» ليشملهما بإطلاقه. و «عَمَلَ إِنّ»: مفعولُ «اجعَلْ» مقدٌ عليه.
ثم إنّ هذا العمل الذى ذكر على وجهين:
أحدهما: عملٌ يبقى على أصله ولا يحدث عليه طارئٌ يغيره عن حاله إلى حالةٍ أخر، وذلك العملُ في النكرة المضافة والّتى ضارعت المضافة.
والثاني: عملٌ لا يَبْقى على حاله بل يتغيّر إلى حالة أخرى، وذلك العملُ في النكرة المفردة غير المضافة ولا الشبية بها، فإنها تتغير من حالة الإعراب إلى حالة البناء.
فأخذ الناظم -رحمه الله- يذكر هذا الحكم ويفصّل ما أجمل فقال:«فانِصِبْ بِها مُضَافًا أو مُضَارِعَه». والضمير في «بها» يعود على لا، وفي «مُضَارعه» يعود على المضاف، والتقدير: فاِنصبْ بلا الاسم النكرة المضاف أو المضارع للمضاف. وهذا هو أحد القسمين، وهو الذى لا يتغيّر عن حاله؛ فقوله:«فانصب بها» يعنى نصبًا صحيحًا لا يتغَيّر عن حالته، فأما المضاف فنحو: لا غُلَام أحدٍ في الدار، وأما المضارع له فهو المشابهُ له، وهو العاملُ فيما بعده نحو: لا ضاربًا أحدًا في الدار، ولا خيرًا مِنْكَ عِنْدِى. والمضارَعَةُ للمضافِ هنا معَتَبرةٌ في صِحّة النصْبِ كاعتبارها في باب النداءِ، فيمتنعُ بناءُ المضارعِ للمضافِ هنا كما يمتنعُ هناك، كالمضاف حقيقةً نحو: يا ضاربا زيدًا، ويا طالعًا الجَبَلِ. فليس بين البابين في هذا خلاف وهذا مذهب البصريين. وذهب