البغداديُّونَ إلى أنّ العامل هنا يُبْنى ويصحُّ له العملُ مع البناءِ فيقولون: لا خير من زيد، ولا ضاربَ أحدًا في الدار، ونحو/ ذلك. وصحح الفارسىّ الأوّل بأن البناء مع لا يزيلُ شَبَه الفعل كما أنّ التصغير والوصف يزيلان شبهه عن اسم الفاعل والمصدر فلا يعملان.
فإن قيل: إنّ هَلُمّ في لغة أهل الحجاز قد بُنِى الفِعلُ فيه مع حرفٍ قَبْلَه فلم يمنعُه ذلك العملَ، فكذلك اسم الفاعل والمصدر مع لا.
قيل: ذلك نادرٌ. وأيضًا إنما عملُه في لُغَةِ أهل الحجاز عَمَل اسم الفعل لا عمل الفعل، بدليل أنهم جعلوه للواحد والاثنين والجمع على لفظ واحدٍ، وكذلك في المذكر والمؤنث، فهذا يدلّ على خروجه عن حدّ الفعل وعن عمله المعلوم لَمّا بنى مع الحرف، فكذلك ينبغى أن يكون الحكمُ في مسألتنا.
هذا ردّ الفارسى من جهة القياس، وأما من جهة السماع فلا سماعَ، فسقط ما ذهبوا إليه، وثبت ما ارتضاه الناظم. والله أعلم.
ثم قال:«وبعدَ ذَاك الخبرِ اذكرْ رافِعَهْ»، ذاك: إشارةٌ إلى ما تقدّم من نصب الاسم، يعنى أَنّك تأتى بعد ذلك بالخبر رافعًا له؛ إذ كانت «لا» إنّما عملُها كَعَملِ إِنّ حسبما نصّ عليه آنفًا.
فإن قيل: هذان المزدوجان معترضان من وجهين: أحدهما: أنهما حشوٌ بغير مزيد على ما تقدّم؛ إذ قال: إن عَمَل لا كعَمَل إنّ، وذلك معنى كونها تنصب الاسم وترفع الخبر، وهو معنى ما ذكر فيما يظهر لباديء