استعمالًا متعدًّا به، أما رأى فلم يحكه المؤلف فيه فى التسهيل ولا شرحه، على اتساع باعه فى الحفظ. وأعلم فإنما حكاه فى قولهم: عَلِم فهو أعلم: إذا انشقّتْ شفته العليا. وليس فى الاستعمال بشهير شهرة غيره من الاستعمالات، فلم يَحْفِلْ به. وأيضا فإذا حققنا قصده مما تقدّم له فى الباب قبل هذا وجدناه لم يتعرّض إلا للأفعال القلبية، وقد مَرَّ بيان هذا، فلم يدخل له هنا بحسب قصده إلا رأى بمعنى اعتقد، وعلم بمعني عرف. وأمّا رأى بمعنى الإبصار أو بمعنى الإصابة، وعَلِم بمعنى شَقّ الشقة فلا دخول لها هنا، والله أعلم.
ثم ذكر حكم المفعولين هنا، وهل لهما حكم ما تقدّم أم لا فقال:«والثانِ منهما كَثَانِى اثْنَىْ كَسَا»، حذف هنا ياء الثانى كما حذفت فى قوله:«للثّانِ والثّالِثِ أيضًا حُقِّقَا». وأراد أَنّ الثانى من هذين المفعولين فى: أريت زيدًا رأى مالك، وأعلمت زيدًا الخبر، كالثانى من مفعولى كسا، لا كالثانى من مفعولى عملت العلميّة. ووجه الشبه بينهما أن الثانى فيهما غير الأول، كما إذا قلت: كسوت زيدًا ثوبًا، فزيدُ غير الثوب، وكذلك إذا قلت: أعلمت زيدًا الخَبَر، فزيدُ غيرُ الخَبَرِ، بخلاف: علمت زيدًا أخاك، فإن الأخ هو زيد، وزيدُ هو الأخ. وإذا كان مثل الثانى فى كسا «فهو به فى كل حُكم ذو ايُتا»، يريد أنّ الثانى من مفعولى أعلمت ههنا فى جميع أحكامه مثلُ ثانى مفعولى كسا.
والأحكام التى تتعلّق بمفعول كسا جملة، سيذكرها فى بابها إن شاء الله، فمنها: جواز حذفه دون الأول اقتصارًا، فتقول: أعلمت زيدًا، وأريت