وقد وجدنا أن الفاعل إذا كان ضميرًا إنما يتّصل بالفعل، فدلّ على أنه عامله، ولو كان غير عامل لما أتّصل به أصلًا، بل كان يكون منفصلا عنه.
وعلى الجملة فهو خلافٌ في اصطلاح، لا يينني عليه حكم عند الجميع، وإن كانت الأدلة تقتضى ذلك، فليس أحدٌ من المخالفين لنا بقائل بما يقتضيه الأدلة عليه.
وقوله:«وبعد فعل فاعلٌ» اقتصر على ما يشير إليه لكفى، لكنه نصّ عليه ولم يكتف بالإشارة، لما له في ذلك من الفوائد، والذى يشتمل عليه منها ثلاث:
إحداها: الإشارة إلى مخالفة من خالف في لزوم التقديم، وهم الكوفيون؛ وإذا أجازوا تقدّم الفاعل على الفِعل أو ما أشبهه، فكأنه يقول: الفاعل مختصّ بكونه بعد فعل، فلا يجوز أن يتقدم عليه، ودَلّ على قصده لهذا تقديمه الظرف لدلالته على الاختصاص بهذا الحكم، كقوله:{إيَّاكَ نَعْبدُ}، بمعنى: ما نعبد غيرك، فكذلك هذا، ليس الفاعلُ إلا بعد الفِعْلِ، وغيرُ الفِعْلِ بمزلة الفِعْلِ في هذا. ويجيزُ الكوفيُّون تقديمه فيقولون: الزيدان قام، والزيدون قام -على تقدير: قام الزيدان، وقام الزيدون- ومررت برجلٍ أبواه قائم- على تقدير: قائمٍ أبواه. واستدلّوا على ذلك بمجيئه في الشعر، كقول الزباء: