أُسنِدَ إليه قولك: مَبْنِىّ على الفتح، إسنادَ الخبر إلى المبتدأ، لا إسناد الفعل إلى الفاعل، فَرَفْعُ مبنىّ على الخبرية عنده لا على الفاعلية، فلا فاعل له إذًا، وإلى هذا ذهب القرافىّ. وما زعمه غير صحيح من وجهين:
أحدهما: ما أشار إليه من أن كلّ فعلٍ لا بدّ له من فاعل، فأين فاعلُ هذا الفعل؟ فإن قال: ناب عنه الخبر. قيل: هذا لا نظير له، بخلاف نيابة الفاعل عن الخبر فإنه ثابت باعتراف ابن مالك في: أقائمٌ الزيدان؟ فليس إذًا «قام» هنا فعلًا، وإلّا لزم أن يكون له فاعل، وليس له فاعلٌ هنا باتفاق من الخصوم، فليس بفعلٍ.
والثاني: قال شيخنا القاضي -رحمه الله-: يقال لابن مالك: ما إعراب «قام» من قولك: قام مبنى على الفتح؟ فلا بدّ أن يقول: مبتدأ. وقد قال هو: إن الفعل وحده لا يكون مبتدأ، وإن المبتدأ اسم أو ما هو في تقديره، فقام إذًا اسم لا فعل، وهو المطلوب.
والفائدة الثالثة: التنكيتُ على بعض البصريين في إجازتهم تقديم الفاعل على الفعل في بعض مواضعَ مخصوصةٍ، فكأنه يقول: كلّ ما يُظَنَّ أنَّه مما تقدّم فيه الفاعل فليس في الحقيقة منه، ولذلك أمثلةٌ منها ما قاله سيبويه والجمهور في قول الشاعر:
صَدَدْتِ فأَطْوَلْتِ الصُّدُودَ وقَلَّما
وصالٌ على طول الصُّدودِ بَدُومُ
إنَّ «وصالٌ» فاعل متقدّم ضرورة، ويجيز هؤلاء تقديم الفاعل على الفعل