في الضرورة. ولذلك حمل جماعة الأبيات المتقدمة للكوفيين على تقديم الفاعل ضرورة. وهذا كلّه لا داعية له؛ لإمكن أن يكون وصال فاعلًا بفعل مضمر يفسّره يدوم كأنه يقول: وقَلَّما يدومُ وصالٌ على طول الصدود يدوم؛ وساغ هذا لأن قلَّما مما لا يليها إلا الفعُل. وهذا رأى طائفة في بيت الكتاب، ويكو ذلك مبنيًا على أن قَلَّما حرفٌ لا فعلٌ.
ومنها مسألة: إِنْ زيد قام أكرمته؛ قال الأُبَّذِىّ: قال شيخنا أبو الحسن الدبّاج -رحمه الله- «لا يبعدُ عندى أن يقال: إن هذا الفعل يصحّ له العملُ في الأول مقدّما عليه، وذلك مع أداة تطلب بالفعل؛ وذلك أن العامل متصرّف في نفسه، فيتصرّف في معموله، إلا أن يمنع مانعٌ، وذلك في الفاعل أَنْ يلتبسَ بالمبتدأ في قولك: قام زيد، وزيدٌ قام؛ فإذا جاء حرفٌ لا يليه إِلا الفعلُ لفظًا أو تقديرًا أزال ذلك اللبس، فصح أن يكون فاعلًا مقدَّمًا، إن قدّرت الفعل فارغًا من الضمير، فاعلا برضمار فعل إن قدّرته مشغولًا بضمير». فالحاصل من كلامه أنه أجاز أن يكون زيدٌ فاعلًا مقدَّمًا، وذلك غير سائغ عند الجمهور، لما تقدّم ذكره. وهذا الموضع أيضا محتمل لا يتعيّن فيه ما قال، ولا مرجّح له، فليس إلى القول بإثباته سبيلُ. وأيضًا صاحب هذا المذهب/ يلتزم جواز: وإنِ الزيدون قام أكرمتهم. وهذا لا يثبت سماعًا أصلًا، إلا فيما تقدّم للكوفيين، وقد مرّ