هذا الفصل يَذُكُر فيه لحاق العلامة [للفعل] إذا أُسنِدَ إلى الفاعل؛ فإِنَّ العربَ -على الجملة- تُلْحِق الفِعْلَ علامةً تدلّ على حال الفاعِلِ، من كونه مؤَنثًا غير مُذَكّر، أو كونه مثنى أو مجموعًا، أوما ما شبه ذلك. وابتدأَ بالكلام على لحاق العلامة إذا كان الفاعل ظاهرًا مثنًى أو مجموعًا، وسواءٌ أَكان مذكرًا أم مؤنثًا. وسيأتى ذكر المفرد. فيريد أن الفعل إذا أسند إلى اثنين أو إلى جمع -وهما المثنى والمجموع- فهو مجرَّدٌ عن العلامة الدالَّة على التثنية والجمع، فلا تلحَقُه في اللغة الفصحى [علامة]، فتقول: قام الزيدان، وقام الزيدون. ولا تقول: قاما الزيدان، ولا قاموا الزيدون.
ومنه قوله تعالى:{قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيهما}، {قال الكافرون: إنّ هذا لسِحْرٌ مُبِينٌ}. وأتى من ذلك بمثال وهو قوله:«فاز الشهدا»، ولم يقل: فازوا الشهداء. ومثلُه لو قَلتَ: فاز الشهيدان. ومثل ذلك إذا قلت: قامت الهندانِ، وقامت/ الهِنْدَاتُ، فلا تقول في اللغة المشهورة: قامتا الهندانِ، ولا: فُمْنَ الهنداتُ؛ بل تُجَرِّدُ الفعل من العلامتين: علامةِ التثنية وعلامةِ الجمع.
وإنما جَرَّدوا الفعل هنا قصدًا للتفرقة بين قام أخواك، وأخواك قاما؛ لأَنّ العلامة لو لحقت في: قاما أخواك، لالتبست بالضمير، فتوهم