وبقي في كلامه بحث لفظي، وهو أنه قال:«وبعدَ فِعْلٍ فاعلٌ»، يعنى أنه لا بُدَّ أن يكون بعد الفعلِ فاعلٌ، ثم قال:«فإنْ ظَهَر. فَهْوَ وإِلَّا فَضَمِيرٌ استترْ»، يعنى، فإن كان ظاهرًا فهو الفاعل، وإلا فهو ضمير، فيصبر المعنى: إن الفاعل بعد الفعل، فإن ظهر الفاعل فهو الفاعل. وهذا كلام خَلْفٌ لا فائدة فيه.
والجواب: أنّ ذلك جارٍ على قصد صحيح فيه فائدةٌ، وهو أن قوله:«وبعد فِعْلٍ فاعلٌ»، إخبارٌ بالقاعدة، أنّ كلّ فعلٍ لا بدّ له من فاعل بعده لا قبله، يريد: فابحث عنه. فهى كُلِّيةٌ تُعيِّن موضع البحث عن الفاعل. ثم أخبر بعد ذلك بَوجْهَ مجيئه فقال: إن جاءَ ظاهرًا فهو، أى: المطلوب الذى قصدتَه، وإن لم يجئ ظاهرًا فاعلم أنه ضمير مستتر في الفعل، طردًا لحكم القاعدة، وعملًا بمقتضاها. وهذا معنًى صحيح مفيد. فقوله:«فهو» مبتدأ محذوف الخبر، أى: المطلوب. أو يكون خبرًا محذوف المبتدأ، كأنه قال: فالمطلوبُ هو. وكذلك قوله: «فضمير، يسوغٌ فيه الوجهان. واستتر: في موضع الصفة لضمير.