يعنى أنّ الفعل يعمل في الفاعل على وجهين، أحدهما: أن يكون ظاهرًا، وقد تبيّن. والثاني: أن يكون مضمرًا ومقدّرًا غير ملفوظا به، [لكن] لا يكون ذلك إلا إذا كان في الكلام ما يدلّ عليه، كالمثال الذى أتى به، . وهو إذا قال لك قائلٌ: من قرأ؟ فأجبتَه بقولك: زيدٌ. فزيدٌ هو المقول في جواب قوله: من قرأ؟ فهو مرفوع بفعل مقدَّرٍ دالٍ عليه السؤال، فكأنه قال: قر زيدٌ، هذا وإن كان يحتمل أَن يكون مبتدًأ محذوف الخبر؛ فإن الأوّل أولى، لأنه مطابقٌ بخلاف الثاني.
واعلم أن الفعل المقدّر رافعًا للفاعل على وجهين:
أحدهما: أن يكون مقدَّرًا مع فاعله، لِنَصْبٍ يكون في الكلام لا ناصب له في اللفظ، فيجب أن يُقَدَّر له ناصب، ولا يكون إلا الفعل وفاعله، كما إذا قيل لك مَنْ ضربتَ؟ فتقول: زيدًا. وهذا يَتَكَّلم فيه وفي تقديره بَعدُ.
والثاني: أن يقدّر وحده لرفعٍ يكونُ في الكلام، لا رافع له إلا أن يقدّر له فِعْلٌ، حسبما يقتضيه الكلام. وهو الذى تكلَّم فيه هنا، لكن هذا أيضا على ضربين: أحدهما: أن يكون مقدّرًا أبدًا لا يجوز إظهاره، كالفعل المقدّر قبل المرفوع في باب الاشتغال، نحو: إِنْ زيدٌ قام أكرمته، تقديره: إن قام زيدٌ قام أكرمته. ولا يُتَكلّم به، كما يأتى إن شاء الله. ولم يَتَكلَّم هنا على خُصوصِ القسم، وإنما تكلم عليه في موضع الحاجة.