وأما الخامس: فإن الاسم إذا تقدم على العاملين في نحو: زيدًا ضربت وأكرمت، لم يتعين أن المسألة من الإعمال، أما إذا أعملت الأول فقلت: زيدًا ضربت وأكرمته، فلاحتمال أن يكون زيدٌ معمولًا لأول الفعلين، والثاني طالبٌ لضميره فقط فصار مثل: زيدًا ضربت وضربني فلا إعمال.
وأما إذا أعملت الثاني فقلت: زيدًا ضربت وأكرمت فكذلك أيضًا لاحتمال أن تكون المسألة كالأولى فحذف مفعول الثاني اختصارًا وهو ضمير الأول، أو غيره وحذف اقتصارًا، وأيضًا فلو سلم فيها الإعمال فالأصل في زيد التأخير، والتقديم غير معتد به لعروضه.
ثم قال الناظم:"فللواحد منهما العمل" هذا جواب (إن) المتقدمة الذكر في قوله: "إن عاملان اقتضيا في اسم عمل" يعني أن الاسم لا يعمل فيه إلا واحد من ذينك العاملين- إما الأول، وإما الثاني- وإن كانا معًا طالبين للعمل فيه، فتقول إن أعملت الأول: ضربت وضربني زيدًا، وإن أعملت الثاني قلت: ضربت وضربني زيدٌ، وفي هذا كلام التنبيه على أمرين: أحدهما: أنه لا يصح أن يعملا معًا في المعمول سواءًا أكانا متفقي العمل أو مختلفيه، أما في الاختلاف فظاهر؛ إذ لا يحتمل الاسم الواحد أن يكون مرفوعًا منصوبًا في حالٍ واحدة، أو مرفوعًا مجرورًا أو منصوبًا مجرورًا في حال واحدة، وهذا متفق عليه، وأما في الاتفاق فكذلك اعتبارًا بالاختلاف، فكما لا يصح أن يعمل العاملان في الاسم رفعًا ونصبًا معًا؛ لأنهما ضدان فكذلك لا يصح أن يعملا فيه رفعين، ولا نصبين، ولا جرين معًا؛ لأن المثلين على المحل الواحد متضادان حسبما هو مبين في غير هذا الموضع، وأيضًا لم يثبت من كلام العرب عمل عاملين في معمول واحد، فقياس هذا عليه، وأيضًا إذا قلت: قام وقعد زيد فهذا العطف إما أن