والسابع: إن إعمال الأول لم يوجد فيما إذا زادت العوامل على اثنين بل قد زعم ابن مالك أن العرب التزمت هنا إعمال الأخير، ولا يوجد إعمال ما قبله، فإن كان كذلك فليس إعمال الأول بمطرد فضلًا على أن يكون مختارًا.
والثامن: أن في إعمال الثاني تخلصًا من الإخلال بحق دون حق وذلك؛ لأن كل واحد من العاملين له حظٌ من عناية المتكلم، فإذا قدم أحدهما، وأعمل الآخر عدل بينهما؛ لأن التقديم اعتناء، والإعمال اعتناء، وإذا أعمل المتقدم لم يبق للآخر قسطٌ من العناية فكان المخلص من ذلك راجحًا.
ووجه المذهب الآخر أمورٌ: أحدها: أن الأول سابقٌ صالح للعمل كالثاني فكان إعماله أولى من إعمال الثاني؛ لأن للسبقية أثرًا في العمل، ألا ترى أن ظننت وأخواتها لا تلغى إذا تقدمت على معموليها بخلاف ما إذا لم تتقدم، وكذلك كان لا تلغى إذا تقدمت، وأنها تلغى إذا توسطت ففقدت رتبة التقديم، وكذلك (إذن) تعمل متقدمة، ولا تعمل متوسطة، ونحو ذلك في القسم والشرط من تقدم منهما فله الحكم، وألغي الآخر، والأفعال غير المتصرفة تقوى على العمل متقدمة، ولا تقوى متأخرة. فالحاصل أن للتقدم أثرًا في العمل على الجملة، وقد حصل هنا لأحد الفعلين فليكن هو الأولى.
والثاني: أن إعمال الثاني يؤدي إلى محذور وهو الإضمار قبل الذكر إذا قلت: ضربني وضربت زيدًا، والإضمار قبل الذكر لا يجوز فكذلك ما أدى إليه.
والثالث: أن العرب راعت السبقية في قولهم: ثلاث من البط ذكورٌ، فقالوا