ثلاث بإسقاط التاء اعتبارًا بالبط لتقدمه، ولم يقولوا ثلاثة بالهاء اعتبارًا بالذكور لتأخره، فإذا عكسوا فقدموا الذكور على البط قالوا ثلاثة ذكور من البط بالهاء، وذلك دليل على أن الحكم للسابق، وأنه أولى به.
والرابع: أنكم أيها البصريون قد اعتبرتم السابق وأعملتموه دون الثاني في نظير مسألة النزاع، وذلك في قول الأعشى أنشده سيبويه:
* إلا علالة أو بداهة قارحٍ نهد الجزارة *
فجعلتم العامل في قارح هو المتقدم من المضافين، وكلاهما يطلبه بالإضافة وكذلك قول الفرزدق: أنشده سيبويه:
يا من رأى عارضًا أسر به ... بين ذراعي وجبهة الأسد
فحملتموه على أن العامل في الأسد الذراعان دون ما بعده، ووجهتم ذلك بأن الأشبه أن يحذف الثاني اكتفاء بالأول، لأن الأول إذا ورد فحكمه أن يوفى حقه من اللفظ، فكذلك ينبغي في مسألتنا أن يكون الأولى يوفى حقه من اللفظ، فإن قلتم غير ذلك فقد ناقضتم. وكان الناظم مائل مع البصريين لكثرة السماع في إعمال الثاني ولذلك، والله أعلم قدمه، وهو نص مذهبه في التسهيل وشرحه.
وأهل البصرة هم النحويون الناشئون بالبصرة، ويعني بهم: سيبويه ومن أخذ هو عنهم كالخليل، ويونس، وأبي عمرو بن العلاء، ومن تبع هؤلاء في المذهب، وإن لم ينشأ بالبصرة فهو أيضًا بصري نسبةً إلى المذهب. وقد يطلق