فنحو قول النبي عليه السلام:"إنَّ امرأة دخلت النار في هِرَّة ربطتها" على رأي الناظم في هذا الحرف، فهذه الأحرف وما كان نحوها بمعنى من أجل، وهو المعنى الذي في اللام، فالمثال الأول المجرور بالباء امتنع النصب فيه لعدم اتحاد الفاعل؛ لأنَّ فاعل التحريم غير فاعل الظلم. والمثال الثاني المجرور بمنْ متوفر الشروط فلو قال: لما يهبط خشيةَ الله، ولرأيته خاشعًا متصدعًا خشية الله لصحَّ، فهو مما جُرَّ على الجواز لا على اللزوم. والمثال الثالث امتنع فيه النصب؛ لأنَّ لفظ الهِرَّة ليس بمصدر. فإذا ثبت أنَّ الجار قد يكون يكون اللام وقد يكون غيرها. فلك أن تجُرَّ ما اجتمعت فيه الشروط، على ما ذكر من الجواز على إثر هذا بأحد هذه الأحرف حسب ما يذكر، وقد تقدّمت أمثلة ما عُدِم فيه بعض الشروط، وأنَّه يلزم الجر.
ثم قال:"وليس يمتنع مع الشروط"، الضمير في (ليس) وفي (يمتنع) عائد على الجر بالحرف المفهوم من قوله: "فاجرُرْه بالحرف" وذلك جائز: أن يعودَ الضمير على ما تَضَمَّنَه الفعلُ من الحدث، ومن قوله تعالى:{اعدِلوا هو أقرب للتقوى} أي العدل أقربُ، وقوله:{وإنْ تشكروا يَرْضَهُ لكم} أي يرضى الشكر، ويعني: أنّ المفعول له إذا توفَّرت فيه الشروط المذكورة أولًا فلا يمتنع جرُّه بالحرف الجار بل يجوز، فتقول: قصدتُك لابتغاء الخير، وجئتك لرغبَةٍ في معروفك، وداريتُك من مخافَةِ شَرِّكَ، ومثَّل هو ذلك بقوله:"لزُهدٍ ذا قنع"