أصله قَنِعَ ذا زُهدًا، فالشروط موجودةٌ، والجر بالحرف جائزٌ، فتقول: قَنِعَ ذا لزهد، وقنِعَ بِزُهدٍ. وقد نصَّ ابنُ خروف على دخول الباء ومن في هذا الباب، ولكنّ التفسير على اللام؛ لأنّها الأصل، والأكثر في الاستعمال؛ فلذلك قدّمها الناظم في المثال، وآثرها على غيرها. وأمَّا في فذلك رأيه فيها، وقليلٌ من يثبتها، وفي إطلاقه القول بجواز الجر ما يَدُلُّ على أنَّه لا يختص بالمفعول له المعرفة بل يجوز وإنْ كان نكرة فكما تقول: جئتك للرغبة في معروفك، وجئتك لابتغاء الخير، كذلك تقول: جئتك لرغبة فيك، وكففت عنك لتكرُّمٍ، ويُعَيَّنُ هذا القصدَ من كلامه تمثيله بالنكرة في قوله:"لزهد ذا قَنِع" وهو تنكيت على ما ذهب إليه أبو موسى الجزولي من أنَّ النكرة لا يجوز جرُّها مع استيفاء الشروط. حيث قال:"ولا يكون منجرًا باللام إلا مختصًا" قال الشلوبين: "وهذا غيرُ صحيح، بل هو جائز لا مانع منه" قال: " ولا أعرفُ له سلفًا في هذا القول" انتهى. فالواجب الرجوع إلى رأي الجمهور لكن يجب أن يُبحَث عن السماع في هذا فإنّه إن كان الجزولي يزعم ذلك عن استقواء منه أو مِمّن أخذ عنه فلا إشكال في قوّة قوله، وإن كان بخلاف ذلك لم يلتفت إليه، وقد جاء الجر في المختص كما تقدّم في قوله تعالى:{وإنَّ منها لما يهبطُ من خشية الله} وقوله: {لرأيتهُ خاشِعًا مُتصّدّعًا من خشية الله} ولا أحفظه في غيره، ولكن الناظم زعم أنّه موجود لكنه قليل كما سيأتي. وفي تمثيله بقوله:"لزهد ذا قنع" ما يشعر بأنّه يجيز تقديم المفعول له على العامل فيه، فالأصل: قنِعَ لزُهدٍ ثم قدَّمه. وهذه المسألة لم يَنُصَّ عليها في التسهيل، ولا شرحه، ولا الفوائد، وهي