السوق، وكان يقال: زيدٌ البيت، وزيد السوق، وعمرو الدار، فينتصب بمقدّر كما يفعل بالمحقق الظرفية نحو: زيد مكانَ كذا، أو زيد خلفك وأمامك؛ لأنّ كلّ ما ينتصب على الظرفية يصحُّ وقوعه خبرًا فينتصبُ بعامل مقدّر، وإلى هذا أشار سيبويه في كلامه المذكور آنفًا، قال المؤلف:"وقد غفل عن الموضع الشلوبين وجعل نصب المكان المختص بدخل عند سيبويه على الظرفية، قال: "وهذا عجب من الشلوبين مع اعتنائه بجميع متفرقات الكتاب وتبيين بعضها ببعض". وقد حكي ابن خروف عن الفراء أنّك تنصب بدخَلْتُ وذهبت وانطلقتُ جميع البلدان، تقول: ذهبت الكوفة، وانطلقت الغور، فأنفذوها في جميع البلدان؛ لأنها نواحٍ، وحكى سيبويه: ذهبت الشام، وهذه كلها -وإن اطّردت- كما قال الفراء- فاطّرادُها لا يخرجها عن كونها سماعًا، لالتزامهم ذلك مع الأفعال الثلاثة، فقد خرجت بذلك عن الاطّراد. والحاصل أنّ عدم الاطراد يكون بأمرين:
أحدهما: ألا يُستعمَل نظائر المسموع مكان المسموع وإن اتّحد العامل، كما مرّ في: مُطرنا السهل والجبل. والثاني: ألّا يعمل في المسموع كل عامل، كما مرّ في (دخلت) مع الأماكن المختصّة. ويجمع ذلك ألا يُستعمَل المتضمِّن معني (في) خبر مبتدأ، وهو الذي اعتمد سيبويه، فإذا ثبت أنّ غير المطَّرِد لا يكون ظرفًا، وأنّ هذه الأمثلة كلّها من غير المطّرد تبيّن أنّها منصوبة على إسقاط الحرف لا على الظرف، وذلك ظاهر، فلذلك قال: "باطراد". وقوله:(كهنا امكث أزمنًا) مثالان: أحدهما لظرف المكان، وهو (هنا)، والآخر لظرف الزمان، وهو (أزمنًا) جمع زمن كجبل وأجبُل. وفي هذا الحدِّ نظرٌ من أربعة أوجه: