أحدها: أنه قال: "الظرف وقت أو مكان" فجعل الظرف هنا هو نفس الزمان والمكان، وهذا، وإن كان المعنى صحيحًا، فهو في الاصطلاح النحويّ غير صحيح؛ فإنّ الظرف عند النحويين إنّما يطلق على اسم الوقت واسم المكان، لا على معنى الاسم؛ إذ لا يتكلّم النحوي إلا في الألفاظ الدالة على المعاني، فكان من حقّه أن يقول: الظرف اسم وقت أو مكان، كما قال في التسهيل:"هو ما ضُمِّن من اسم وقت أو مكان معنى في بإطراده" إلى آخره، فقيّده بالاسم كما ترى. وكذلك قوله:"ضُمِّنا في" غيرُ صحيح في ظاهره؛ إذ ليس المُضَمّنُ حرف "في" المنطوق به، وإنّما المضمّن معناه كما صرّح به أيضًا في التسهيل، فعبارته في هذا الموضع غيرُ سديدة.
والثاني: أنه عبّر بلفظ التضمين في قوله: "ضُمِّنا في"، والمتقرر في التضمين لمعنى الحرف أنّه موجب للبناء، وهو الشبه المعنوي الذي قدّم ذكره، فلذلك يقولون: المبنى من الأسماء ما أشبه الحرف أو تضمَّن معناه، وليس هذا كذلك؛ إذ لو كان مثله لبُنِيَ كلُّ ظرف في الكلام، وليس كذلك. وهذا الاعتراض وارد عليه في التسهيل أيضًا، لأنّ تضمُّن معنى الحرف قد ثبت موجبًا للبناء، فكان من حقِّه أن يجتنب هذه العبارة إلى ما يقتضي عدم البناء، فيقول مثلًا: أفهما في، أو أفهما معني في، كما قال في الحال:"مُفْهِمُ: في حالٍ"، ولم يقل: ضُمِّن معنى "في حال".