وقعدتُ خلفك، وقد لا يكون ظاهرًا نحو: خروجك يوم الجمعة، وزيدٌ خلفك، فألزَمَ أن يقدَّر له ناصبٌ هو الفعل الواقع فيه؛ لقوله:"فانصبه بالواقع فيه مظهرًا كان وإلا فانوِهِ" يعني أنه لا بد أن يقدر له فعل واقع فيه إن لم يظهر، ويكون هو العامل فيه. والمقدّر لا بد أن يكون مفهومًا من الكلام، فقد يكون الكلام يدل على كون خاص وفعال خاص فيكون هو المنوي، وقد يكون دالًا على كون عام وفعل عام فهو المنوي، فإذا قلت: أين زيدٌ قاعد؟ فقلت: خلفك، فهذا كونٌ خاصٌ تقديره: زيد قاعد خلفك، وإذا قيل: متى أبوك قائم؟ فقلتَ: يومَ الجمعة، فالمعنى على: هو قائم يوم الجمعة، وإذا قلتَ زيدٌ خلفك، فالتقدير: كائن خلفك أو مستقر، وإذا قلت: قدومك يومَ الجمعة، فالتقدير: كائن أو مستقر يوم الجمعة، فلا بد من هذا التقدير عنده؛ وذلك المقدّر هو العامل، وهو الفعل الواقع في الظرف، فاستمر القانون، وانتظم التقدير مع معنى الكلام، فإذا لا يعمل في الظرف غير الفعل الواقع فيه، وهو رأي أهل البصرة وأهل الكوفة معًا إذا كان الفعل ظاهرًا، إذا لم أرَ من نقل في ذلك خلافًا بينهم، وكذلك يقتضي النقل إذا كان المقدَّر [كونًا خاصًا]؛ لأنه بمنزلة المُصرَّح به، ولو صرَّح به [لكان، وإنما] نقل الخلاف بينهم إذا كان المقدر عامًا -وهو الذي لا ينطق به عند الجمهور من الفريقين -كقولك: زيدٌ أمامك، وقدومك يوم الجمعة، فإنهم اختلفوا في العامل في الظرف هنا؛ فجمهور أهل البصرة- بل جمعيهم عند السيرافي وغيره- أنّ الناصب فعلٌ مقدّر هو الواقع فيه، فقولك زيدٌ خلفك على تقدير مستقر أو استقر، أحدهما حتمًا -أعني اسم الفاعل أو الفعل- أو على التخيير حسب