للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال:

فانصبه بالواقع فيه مُظهرا ... كان وإلّا فانوه مُقدَّرا

لما كان الظرف إعرابه النصبُ، ولا بُدَّ له من ناصب عرَّف بالناصب ما هو، فبين أن الناصب له لا يكون إلا الفعل الواقع في ذلك الظرف؛ وذلك أنّ الفعل أو ما في معناه مما يصلح للعمل في الظرف على ضربين بالنسبة إلى طلبه:

فضربٌ يطلبه على أنه واقع فيه -وهو الذي عيّن الناظم للعمل فيه من حيث هو ظرفٌ- فينصبه على الظرفية، كقولهم: خرجتُ يوم الجمعة، وقعدتُ أمامك، فإن نصب اليوم بخرج إنما هو على أنّ الخروج واقعٌ في اليوم، وكذلك نصبُ الأمامِ بقعد إنما كان على أن القعود حاصل فيه، فانتصب اليوم والأمام انتصاب الظرفية.

وضربٌ يطلبه لا على هذا الوجه، بل على وجهٍ آخر -وهو الذي احترز منه- فيكون نصبُه على المفعول به، أو على غير ذلك، كقوله: أحببت يومَ الجمع، فجرى ههنا الظرف مجرى زيد، كما لو قلتَ: أحببتُ زيدًا، ومثله: أحببتُ مكانَك، نصبه نصب زيد في قوله: أحببتُ زيدًا، وكذلك إذا قلتَ: هذه عشرون يومًا، فنَصْبُ يوم هنا كنصب رجل إذا قلت: هذه عشرون رجلًا، ومثله قولك: شاهدت عشرين مكانًا، أو ما أشبه ذلك، فلم ينتصب هنا على الظرفية؛ إذ ليس العامل واقعًا فيه؛ فلأجل ذلك قال: "فانصبه بالواقع فيه". قد ظهر من الناظم مذهبه في العامل في الظرف، وأنه الفعل الواقع فيه لكن هذا الفعل لا يلزم أن يكون ظاهرًا، بل قد يكون كذلك نحو: خرجتُ يومَ الجمعة،

<<  <  ج: ص:  >  >>