للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحدُّ وضْعُه أنّه عنوان الذات، وبيان لها فيجيب أنْ يقود المحدود في النفس صورة معقولة في الذهن، مساوية للصورة الموجودة في الخارج على الكمال، وحيئنذ يعرض للمحدود أن يتميز عن غيره، لا أنّ التمييز عن الغير هو المقصود من الحد الذاتي، وإنما ذلك مقصود في الحدِّ الرسمي. وإذا كان كذلك فقوله: "باطّراد" وصفٌ من الأوصاف المحتاج إليها في التعريف؛ لأنَّ الظرف هذا شأنه ووصفه من حيث هو ظرفٌ، فمطرنا السهل والجبل، خارج عن الظرفية على كل تقدير، والظرف مُعرَّفٌ به على كل تقدير. وإن كان الثاني فيمكن أن يقال: إنّ التضمين المذكور قد يُطلَق مجازًا على نحو: مُطرنا السهل والجبل من جهة اجتماعه في التقدير؛ فإنّ الجميع على تقدير "في" على الجملة، فكأنه أطلق التضمين بهذا المعنى، أو توهّم أن يُفهم منه؛ فأتى بقوله: "باطّراد" ليخرج ذلك التضمين الآخر. وهذا قد ينهض عذرًا في الموضع. ا

وأمّا الرابع فلم يحضرني فيه جواب محرَّر.

وأمّا كونه جمع بين مختلفي الحدّ فليس كذلك بل إنما قصد حدّ الظرف المطلق، إلا أنّه عرض له فيه تنويع الظرف فافتقر إليه كما افتقر النحاة في تعريف الفاعل إلى تنويعه، وتنويع عامله حيث قالوا: الفاعل اسم أو ما هو في تقديره أسند إليه فعل أو ما جرى مجراه ... إلى آخره. وكما قيل في حدّ الخبر: إنّه الذي يدخله الصدق أو الكذب، أو ما أشبه ذلك ممّا يعرض فيه التنويع. أو يقال: إنّه حدٌّ واحدٌ أتى به في قوّة حدين لما اشتركا في الفصول المميزة فكأنه قال: ظرف الزمان هو: اسم الزمان المضمَّن معنى (في) باطّرادٍ كأزمنٍ، وظرف المكان هو: اسم المكان المضمّن معنى (في) باطّراد كهنا، وإذا أمكن هذا سَهُل الأمر فيه. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>