يستثنى بها ما بعدها، فيكون منصوبًا بها؛ لأنها إذ ذاك أفعالٌ، والفعل لا بد له من فاعل، وقد يقتضي منصوبًا، ففاعلوها ضمائر مستترة فيها، ولم ينبه على ذلك علمًا به، والنصب بحسب ما تطلبه تلك الأفعال، لا على محض الاستثناء كما بعد إلا في الفعل المشغول، بل كما بعدها في الفعل المفرغ، فلذلك قال:"واستثن ناصبًا بكذا" فليس ولا يكون تطلبان ما بعدهما بالنصب على الخبرية لأنهما من باب كان الداخلة على المبتدأ والخبر، فتقول: قام القوم ليس زيدًا، وقام القوم لا يكون زيدًا، فزيدًا خبر ليس وكان، فذلك وجه نصبه معهما، وخلا، وعدا فعلان يطلبان الاسم الذي بعدهما بالمفعولية، فتقول: قام القوم خلا زيدًا، وقام القوم عدا زيدًا، فزيدًا مفعولٌ؛ لأن معنى خلا وعدا عند سيبويه جاوز، كأنه قال: جاوز بعضهم زيدًا، ضمنا في الاستثناء هذا المعنى، والبعض المضمر هم من عدا زيدًا، وهذه الأفعال ضمنت معنى إلا؛ فلذلك عدمت التصرف، وقد دل على عدم تصرفها حين قال:"بليس وخلا" وكذا فعيّن لخلا وعدا صيغة الماضي، وعين ليكون صيغة المضارع، وعين لها حرف (لا) دون غيرها من حروف النفي، فلا يجوز إذًا أن يقال: قام القوم يخلو زيدًا، أو: يعدو زيدًا، أو ما يكون زيدًا، أو ما كان زيدًا، أو ما أشبه ذلك، وأيضًا فأتى بها على لفظ المسند إلى ضمير مفردٍ مذكرٍ، فدل على أن مرفوعها مفردٌ مذكر أبدًا، وهو ضمير البعض المقدر، وهو رأي البصريين، أو ضمير المجهول- كنايةٌ عن الفعل، والاسم في موضع الفعل كأنه قال: ليس فعلهم فعل زيدٍ. وليس