في كلامه ما يعين أحد المذهبين. وهذا كله يبين عدم تصرف هذه الأفعال، وأنها تأتي على لفظ واحدٍ، فلا تقول: قامت الفرقة ليست زيدًا، ولا تكون زيدًا، ولا خلت، ولا عدت، ولا: قام القوم ليسوا زيدًا، ولا يكونون زيدًا، وأنت تريد الاستثناء، ولا قام القوم خلوا، أو عدوا زيدًا، وإنما جرت مجرى ما ضمنت معناه وهو إلا، فلو خلت من معنى إلا لجاز تصرفها ولحاق الضمائر المطابقة. ولما ذكر النصب في الأربعة وأطلق ذلك فيها إطلاقًا، وكان منها ما يكون ذلك فيه على اللزوم، وما يكون فيه على الجواز استدرك لما كان النصب فيه على الجواز وجهًا آخر، وهو الجر، فقال في ذلك:
واجرر بسابقي يكون إن ترد ... وبعد (ما) انصب وانجرار قد يرد
سابقي يكون هما خلا وعدا، ويعني أنك إن أردت الجر بهذين الفعلين فجائز لك ذلك. فإذًا قد حصل في استعمال ما بعدهما وجهان: أحدهما: النصب الذي قدم، ومنه في خلا ما أنشده ابن خروفٍ، وغيره من قول الشاعر:
وبلدةٍ ليس بها طوري ... ولا خلا الجن بها إنسي
ومنه في عدا ما أنشده ابن خروف أيضًا:
يا من دحا الأرض ومن طحاها ... أنزل بهم صاعقةً أراها