والثالث: ما كان نحو: أما علمًا فعالمٌ، وأما سمنًا فسمينٌ، وأما نبلًا فنبيلٌ، وما أشبه ذلك، ومعنى الكلام مهما يذكر إنسانٌ في حال علم فالموصوف به عالم، أو مهما يكن من شيء فالمذكور عالمٌ في حال علمٍ، ويكون على هذا التقدير حالًا مؤكدًا، وإنما يصح هذا التقدير حيث يجوز عمل ما بعد الفاء فيما قبلها على ما هو مقرر في موضعه. فهذه المواضع ليست بموقوفةٍ على السماع.
والجواب: أن إطلاق القول بالكثرة قد يقال: إنه لا يعطي منه القياس حتمًا، وإنما هو تصريحٌ بمجرد الكثرة في السماع، ويبقى النظر بعد ذلك في القياس، فيكون الأمر عنده في القياس مختلفًا، فمنه ما هو مقيسٌ، ومنه ما ليس كذلك، وسكت عن تفصيل الحكم لنظر الناظر في المسألة، ويترجح هذا القصد بأن النظم الذي في اليد لا يبلغ فيه بسط مثل هذه الأمور لاسيما باب: أما علمًا فعالم، فإن فيه من الصعوبة ما قال بسببها الزجاج: إنه لم يفهمه أحدٌ، إلا الخليل وسيبويه، فإذا كان كذلك لم يلق التفصيل بهذا الموضع، وأيضًا فلا يدخل هنا باب: أما علمًا فعالمٌ على مذهبه في الشرح؛ إذ هو عنده منصوبٌ على المفعول به، والتقدير: مهما تذكر علمًا فالذي وصفته عالم. وأولى من هذا أن يقال: إن تمثيله قيد في المصدر الذي أراد ذكره، وعلى هذا يبقى ما تقدم غير متعرض له، ولا يلزمه ذكر كل مسألة في الحال، كما لا يلزمه ذلك في غيره. والبغت أن يفجأك الشيء، تقول: بغتة بغتًا أي فاجأه، ولقيته بغتة أي فجأةً، ثم قال:
ولم ينكر غالبًا ذو الحال إن ... لم يتأخر أو يخصص أو يبن