سائغ في كلام العرب، شهير الاستعمال، فيقال: جاءني أهل غرناطة إذ جاءك جمهورهم، بل تقول ذلك وإنما جاءك كبراؤهم، وهم قليل بالإضافة إلى جميعهم، فلا محذور فيه.
وعن الثاني: أن مقصوده إنما هو ورود يُعتد بمثله في القياس، لا مطلق الورود بدليل عدم اعتباره للشذوذات في هذا النظم كثيرًا، فعرفالاستعمال يعين له ما أراد، وهذا ظاهر. والله أعلم.
ولما تكلم هنا على صاحب الحال المجرور بحرفٍ، وكان المجرور تارة يجر بحرف، وتارة باسم، وحصل حكم النوع الأول، وأن الحال أصبح أن تأتي منه لكنه لا يتقدم- شرع الآن في الكلام على المجرور باسمٍ، وهل تأتي الحال منه أم لا؟ وهو الحال من المضاف إليه فقال:
ولا تجر حالًا من المضاف له ... إلا إذا اقتضى المضاف عمله
أو كان جزءًا ما له أضيفا ... أو مثل جزئه فلا تحفيا
يعني أن الحال من المضاف إليه لا يجوز، فلا يقال: هذا غلام هندٍ ضاحكة، ولا هذه دار اليزيدين ساكنين فيها، ولا جاءني كتابك قاعدًا، ولا أشبه بذلك؛ لأنه كما لا يكون صاحب خبر لا يكون صاحب حال؛ إذ الحال خبر من الأخبار، وإنما كان كذلك؛ لأن المضاف إليه مكمل للمضاف، وزائد عليه. /لأنه واقع منه موقع تنوينه الزائد عليه، فالعمدة هو الأول المضاف لا الثاني المضاف إليه، وهذا هو الفرق بينه وبني المجرور بحرفٍ؛ إذ المجرور بحرف هو مطلوب العامل بالقصد إلا أنه لم يتصل إليه إلا بواسطة الحرف، فلذلك جاز الحال، والمضاف إليه ليس مطلوب العامل أصلًا فلم يكن الحال من جائزًا، ثم استثنى منه المنع الكلي ثلاث مسائل، فأجاز فيها الحال من المضاف إليه.
إحداها: أن يكون المضاف في الأصل عاملًا في المضاف إليه الرفع أو النصب، فتكون الإضافة ثانية عن ذلك، وهو معنى قوله: "إلا إذا اقتضى