"هو الذي يقتضيه القياس عندي على ما يصفون به الحال من أنه زيادة في الخبر" قال: "ولا شك أن الخبر في مثل: / مررت بزيد إنما هو الفعل دون الحرف، فإذا كان الحال زيادة في الخبر الذي هو الفعل، وفضله من فضلته، وجب التصرف فيه حسب ما يُتصرف في غيره من فضلات الفعل". هذا ما قال فيه وجه القياس، وأنت تراه قد مال إلى ما فر عنه الجمهور. وذكر ابن أبي الربيع أنه منقول عن بعض الكوفيين. فهؤلاء جماعة قد قالوا بمثل ما قال به الناظم، فإذا ليس جميع النحويين بقائلين بالمنع، فكان إطلاق ذلك اللفظ عنهم غير لائقٍ من جهتين: من جهة إيهام الاتفاق في المسألة، ومن جهة مخالفة لهم بعد ذلك الإطلاق حتى يتوهم أنه صرح بمخالفة بالإجماع. وفي ذلك ما فيه.
والثاني: أنه أظهر حجة على ما ذهب أليه ليس فيها متعلق لقوله (فقد ورد) وهذا لا ينجيه؛ لأن المخالفين مقرون بأنه قد ورد، فهم الين أنشدوا أكثر الأبيات المتقدمة، وأتوا بالآية الكريمة، وتكلموا عليها، وأولوا ظاهرها، وحملوا الأبيات على الاضطرار الشعري، وأولوا منها ما أمكن، وإذا كان كذلك فأي حجة في قوله:"فقد ورد" فإن الوارد في كلام العرب على قسمين: قسم يُقاس عليه، وقسم لا يُقاس عليه لا اعتبار به في القياس، وإنما الاعتبار بالآخر فهو الذي كان الحق أن يعنيه فيقول:"فقد ورد كثيرًا في الكلام" أو نحو ذلك، مما يُعطي أنه حجة، أما إذا لم يفعل ذلك، فكلامه كالعبث الذي لا يليق بمثله.
والعذر له عن الأول أنه لم يجهل أن المسألة مختلف فيها، كيف وقد ذكر الخلاف في التسهيل وشرحه؟ ولكنه أطلق لفظ الجميع على الأكثر، وهذا