للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عدم ظهور المبتدأ مع الواو- على ما هو الأكثر فقدرناه على القاعدة المستمرة في حمل ما خُفي على ما ظهر، ولا يدل هذا التأويل على الوقف على السماع؛ إذ يمكن القياس على ذلك تأويل بعينه، وهذا صحيح من الاعتبار. ويمكن في ترتيب هذا الكلام وجه آخر وه أن يكون قوله (حوت ضميرًا ومن الواو خلت) معطوفًا أحدهما على الآخر، واقتضى المضارع المثبت يقع حالًا بشرطين: أحدهما: أن يكون معه ضمير يعود على ذي الحال. والآخر: أن يخلو من واو تتقدمه، فيكون الخلو من الواو شرطًا لازمًا في القياس. وقوله (وذات واو) إلى آخره جملة مستقلة تفيد تأويل ما جاء من المضارع المثبت حالًا، وقد دخلت عليه الواو، بأن يكون على إضمار مبتدأ، كأنه قال: إن جاءت جملة المضارع بالوا فقدر قبلها المبتدأ- أعني قبل الجملة وبعد الواو- لتخرج بذلك الملة عن كونها مبدوءة بالمضارع، وانتصب (ذات) على إضمار فعل من باب الاشتغال يفسره قوله: انو مبتدأ) ولا يُعترض هذا التفسير بما تقدم من توهم استغناء ذات الواو عن الضمير، لأن شرط احتواء الجملة على ضمير ثابت لم يتخلف عنه شيء بخلاف شرط الخلو من الواو. وهذا الوجه أسهل مما تقدم لكنه يقتضي المخالفة لما ذهب إليه/ في التسهيل من أن ذلك قياس، فإن هذا التنزيل يقتضي كون دخول الواو موقوفًا على السماع من حيث أولها على إضمار المبتدأ بعدها، ولو كانت المسألة عنده قياسًا لم يحتج إلى ذلك، ونظير هذا قوله في الإلغاء في باب ظن:

وانو ضمير الشأن أو لام ابتدا

من موهم إلغاء ما تقدما

إلا أن هذه المخالفة لا تضر؛ فهو بذلك موافق لأكثر النحويين في أنه لا يجوز في الكلام: جاء زيد ويضحك، وكثيرًا ما يرى هنا خلاف ما يراه هنالك. وقد تقدم منه أشياء، وستأتي أخر غن شاء الله. وإذا قلنا بالتفسير الأول، وأن ابن مالك وافق هنا قوله في التسهيل فكونه ذهب إلى التأويل بإضمار المبتدأ نبذ لمذهب

<<  <  ج: ص:  >  >>