من لم يره، فإن من النحويين من لم يقدر شيئًا كما لم يحتج إلى تقديره مع الماضي. وهذا رأي من قوي عندما تقدم من الاحتجاج غير أن الناظم حمل الأقل على الأكثر كما تقدم، وفرق بين المضارع والماضي بأن الماضي قد كثر فيه مصاحبة الواو فدل على أن ذلك فيه أصل، وانه غير راجع إلى غيره، بخلاف المضارع فإن قلة مصاحبته للواو دل على أن له أصلًا يرجع إليه. وهذا من باب الاستدلال بالأثر، فلذلك رأى الناظم رأي الإضمار. والله أعلم.
وأما القسم الثاني من قسمي جملة الحال فهو الذي قال فيه الناظم:
وجملة الحال سوى ما قدما ... بواو أو بمضمر أو بهما
يعني أن عدا ما تقدم من الجمل الواقعة موقع الحال تارة تكون بالواو خاصة من غير أن يكون فيها ضمير عائد على صاحب الحال، وتارة يكون فيها ضمير من غير واو تدخل عليها، وتارة تجمع بينهما فتكون ذات واو وضمير معًا. والذي قدم من الجمل هو الجملة المصدرة بالفعل المضارع المثبت بواو كانت أو بغير واو، والذي بقي من الجمل الثلاث، وهي: الجمل المصدرة بالاسم مطلقًا كانت موجبة أو منفية، والجمل المصدرة بالمضارع المنفي، والجملة المصدرة بالماضي مطلقًا كانت موجبة أو منفية. وكل واحدة منها تأتي- كما قال- على أحد ثلاثة أوجه: فأما الجملة الاسمية- وهي المصدرة بالاسم- فمثالها بالواو خالية من الضمير قولك: جئت والشمس طالعة، وطلع الفجر وزيد قائم، ومنه قوله تعالى {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نُعاسًا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم}. فقوله:{طائفة قد أهمتهم} في موضع الحال، ولا ضمير فيها عائد على صاحب الحال. وقوله تعالى {لئن أكله الذئب ونحن