الذي تعلقت به، وعلامتها أن يصلح معها (إلى) التي هي لانتهاء الغاية، نحو: سرت من الدار إلى المسجد، وكذلك تعرف التي لابتداء الغاية في الزمان بصلاحية (إلى) معها. ومثال ذلك قول الله تعالى:{سبحان الذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى}. وقوله:{يدبر الأمر من السماء إلى الأرض}. وقوله:{وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى}. وهو كثير. ولا خلاف في ثبوت هذا القسم.
والرابع: أن تأتي لابتداء الغاية في الزمان. وذلك قوله:(وقد تأتي لبدء الأزمنة). يعني أن (من) قد تدخل قليلًا على الأزمنة، فتكون لابتداء الغاية فيها، كما كانت كذلك في الأمكنة إلا أنها في الأزمنة لا تكثر كثرتها في الأمكنة، وحقيقة المعنى: وقد تأتي لبدء الغاية في الأزمنة لكن حذف واختصر، وأضاف البدء إلى نفس الأزمنة لما كان المبدوء واقعًا فيها، نظير قوله تعالى:{بل مكر الليل والنهار}. فالمعنى: بل مكر كم في الليل والنهار، فحذف واختصر لعلم المخاطب، فكذلك هذا.
وهذا القسم مختلف في ثبوته، فمذهب أكثر البصريين نفيه، وأن (من) هنا لا تدخل على الزمان أصلًا، وإنما هي في المكان نظير (مذ) في الزمان، فكما لا تدخل مذ على الأمكنة باتفاق كذلك لا تدخل (من) على الأزمنة.