فإذا قلت: ما في الدار أحٍد، فأحد قد تسلط عليه عامل الابتداء من جهة المعنى ليرفعه بأنه مبتدأ، وكذا: ما جاءني من أحٍد، الفعل طالب لأحد بالفاعلية، فجاءت (من) عاملة في اللفظ مع طلب العامل الأول العمل كذلك في اللفظ، فسميت زائدًة لذلك، لأنها مقحمة بين طالب ومطلوب، ولذلك قد يقولون في (لا) من قولهم: جئت بلا زاٍد، إنها زائدة وإن كان سقوطها مخلا بالمعنى المراد، فإنما قصدوا بالزيادة ما ذكر، فعلى هذا قولهم: ما جاءني من رجٍل. (من) فيه زائدة، وإن كانت تدل على الكثرة والعموم، لأن ذلك المعنى المذكور موجود فيها، فلا يرد إذًا على النحويين على هذه الطريقة اعتراض المبرد في جعلهم (من) في هذه المواضع زائدة لحدوث معنى الكثرة بحدوثها، لأنك إذا قلت: ما جاءني رجل، احتمل أن تريد: ما جاءني رجل واحد، بل اثنان أو ثلاثة، أو: ما جاءني رجل في قوته ونفاذه، بل ضعيف الرجولية، أو ما جاءني رجل بل امرأة.
فإذا قلت: ما جاءني من رجٍل، عم جميع ذلك، فأين كونها زائدة.
فأجيب عن ذلك بهذا المعنى المقرر.
وذكر بعضهم طريقة أخرى في الزيادة: وهي الزيادة لمجرد التوكيد من غير