للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد ظَهر منه بهذا التَّقرير أن النصب هنا ليس على إضمار الفعل، وإنما هو على التَّبعَية، وهو مخالف لظاهر سيبويه، إذ جعله على إضمار الفعل، كأنه قال: هذا ضاربُ زيدٍ ويضربُ عمراً، أو وضاربُ عمراً، ولم يعرَّج على العطف على الموضع (١).

ونَصَّ الفارسيُّ على أن النصب بالعطف على الموضع، فظاهرُ هذا اختلافُ من القول، ولكن ابن أبي الربيع قال (٢): كلا الوجهين جائزٌ عند سيبويه وأبي عَلِيً، إلا أن الذي يَظهر من سيبويه أنه يختار الإضمار، لأنه لم ي ذكر في هذا الموضع غيرَه، ويظهر من أبي عَلِيًّ أن الأحسن عنده العطفُ على الموضع.

قال: ويقتضي كلامهما جوازَ الوجهين.

فإن كان كما قال ابن أبي الربيع فالخلاف بينهما في الاختيار، وإلاَّ فالخلاف بإطلاق.

والأظهر ما ذهب إليه الناظم، لأن تالِي اسم الفاعل إذا اثبت أن له لفظا وموضعا جاز اعتبارُ كل واحد منهما في التَّبعيَة، كما جاز ذلك باتفاق في نحو: ليس زيدُ بجبانٍ ولا بخيلاً، {ومَا لكُمْ مِن إلهٍ غَيْرُهُ (٣)} وما كان نحو ذلك.

فالخروج بالمسألة إلى تكلفُّ الإضمار خلافُ القاعدة، فإن الإضمار من غير حاجة إليه تكلفُ ما لا دليل عليه.


(١) انظر: الكتاب ١/ ١٦٩، ١٧١.
(٢) انظر: ((الوسيط)) شرح الجمل: ٩١٤، وما بعدها.
(٣) سورة الأعراف/ الآيات: ٥٩، ٦٥، ٧٣، ٨٥، وهد ٥٠، ٦١، ٨٤، والمؤمنون: ٢٣، ٣٢. وقرأه الكسائي وحده بالخفض، وقرأ باقي السبعة بالرفع في كل القرآن. وانظر: السبعة لابن مجاهد ٢٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>